الجمعة 19 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

أبطال مجهولون.. ممرضات الصعيد يكافحن شلل الأطفال وسط الأمطار ومشقات التنقل

ممرضة بالصعيد
كايرو لايت
ممرضة بالصعيد
الأحد 26/ديسمبر/2021 - 10:30 م

ظروف قاسية ربما تكون الأصعب على الإطلاق، تواجهها ممرضات الصعيد خلال حملات التطعيم ضد شلل الأطفال، مجهولات يقدمن يد المساعدة لأطفال غيرهن فقط لحمايتهم من مستقبل صحي مظلم يُدعى الشلل، يجوبون القرى والنجوع في البرد القارس ويصعدون منازل الغرباء لتفقد الأطفال، ويسيرون لساعات متواصلة على الأقدام بسبب العشوائيات التي لا تسمح باستقلال مواصلات. 

ممرضات الصعيد
ممرضات الصعيد

روت صفاء صالح، العاملة في قسم التمريض، 45 عاما، أنها تبدأ الخروج من منزلها في الصعيد تحديدًا محافظة الأقصر، بعد آذان الفجر بفترة قليلة، لتجهز والفريق الطبي معها كافة المعدات اللازمة لتطعيم الأطفال، ومن بداية السابعة صباحًا، تبدأ رحلتها اليومية بالمرور على المنازل لتتفقد الأطفال بها.

وقالت صالح لـ القاهرة 24، إن بيوت الصعيد سواء في القرى البعيدة أو القريبة، ليست بجانب بعضها، حيث يفصل بين المنازل مسافات كبيرة تتمثل في الترع أو الأراضي الزراعية أو غيرها من مظاهر العشوائيات الموجودة هناك.

ممرضات الصعيد
ممرضات الصعيد

العشوائيات في الصعيد

تلك الأماكن التي يصعب أن تسير بها وسائل المواصلات العادية، نظرًا للطرق غير الممهدة للسير على الأقدام، فتقول صفاء إنها تكون مضطرة للسير على قدميها ساعات متواصلة، من بيت إلى بيت، حتى تتمكن من الوصول إلى كل أطفال القرية.  

القدم ليست الوسيلة الوحيدة للتنقل بين البيوت، فهناك منازل تقع على مسافات أبعد لا يمكن لأحد أن يسمع عنها أو حتى يعرف أن هناك تعيش أسرة وأطفال، كما وصفت صفاء.

ممرضات الصعيد

وتابعت، صفاء صالح، العاملة في قسم التمريض، 45 عاما: في بيوت بتفصلنا عنها ترع، بنضطر نركب حديدة تشبه المركب التي تستخدم هناك للصيد، لكنها مش مركب وغير آمنه، بنركب فيها واحدة واحدة عشان نقدر نوصل للناحية التانية اللي ممكن يكون فيها حتى طفل واحد فقط.

في عز العواصف الترابية والبرد والطين اللي سبب صعوبة شديدة في الحركة، كنا بنبقى في الشوارع من الفجر نبدأ مشقتنا اليومية، بهذه العبارة وصفت الأربعينية صفاء الصعاب التي تواجهها هي ومن معها خلال حملات تطعيم شلل الأطفال، والتي قالت عنها أنها ليست عملًا ولكنه رحمة نؤجر عليها جميعًا.

ممرضات الصعيد
ممرضات الصعيد

وأكملت صالح حديثها: الضمير الشيء الرئيسي المحرك لهم، فهؤلاء الأطفال أطفالنا، لا يمكن أن نتخيل إصابة شخص منهم بشلل أو نتكاسل تجاههم، برغم أن هناك مناطق لا يمكن للتفتيش أن يصل إليها، ولكننا لدينا ضمير يحتم علينا الوصول إلى كل طفل حتى ولو آخر الدنيا.

وأضافت الممرضة صفاء، أن من أصعب الأشياء التي تواجهها مع الممرضات الأخريات، التوجه للمنازل الغير معروف ملاكها، وهي بيوت الغرباء الذين تمسهم الريبة للوهلة الأولى من الممرضات، حتى يشرحن من هنّ وما يفعلونه من أجل إنقاذ أولادهم.

وعن الخوف من عدوى فيروس كورونا المستجد، قالت الممرضة صفاء: التمريض خط الدفاع الأول، ولو خوفنا من الوباء هتحصل مشاكل صحية أكبر، أهمها شلل الأطفال، احنا بناخد جميع الإجراءات الاحترازية وكله على الله.

ممرضات الصعيد
ممرضات الصعيد

أما الممرضة أسماء أحمد، 35 عاما، فقالت إن لديها ولدين صغار، وخلال التطعيم اليومي تتركهم في حضانة حتى تعود إلى منزلها بعد السابعة مساءً، فهي لا تملك خيارًا آخر، مضيفة: هنعمل أي كله عشان الشغل وربنا يجعله في ميزان حسناتنا. 

وقالت أسماء في تصريحات لـ القاهرة 24: بكون في الشارع من الساعة 6 الصبح، قرى ومدن الصعيد بنلف عليهم كلهم، وبنمر على العمارات من الشقة دي للشقة دي، بتكون أيام صعبة جدًا.

ممرضات الصعيد

الجهل أصعب ما نواجه في حملات تطعيم شلل الأطفال

عن المصاعب التي تواجه ممرضات الصعيد، قالت أسماء، إن الجهل هناك أكثر شيء مؤسف يواجهونه يوميًا، فهناك أفراد بالصعيد لا تدرك معنى التطعيم ضد شلل الأطفال، وما هو المرض، وكيف يصيب الطفل، الأمر الذي يجعل هناك تحدٍ آخر لمواجهة الأهالي ومحاولة شرح الحملة بالكامل حتى يتلقى أطفال هؤلاء الأسر التطعيمات.

معظم الأماكن عشوائية في الصعيد، شوارع صعبة نمشي بها يوميًا، حاملين أدواتنا والتطعيمات، هنا وصفت أسماء مصاعب الطرق التي تسير بها فرق التمريض، ورغم ذلك تم تغطية أكثر من 98% من الأطفال الذين تلقوا التطعيمات.

مصاعب تواجه التمريض

وتابعت الممرضة ثلاثينية العمر: نعاني من كلمة امشي يا ست من هنا واتقفل في وشنا أبواب كتير، بعض الأهالي بيهاجمونا الأول، لكن بنكون لابسين البالطو والكارنية ونبدأ رحلة الشرح اليومية إلى أن يتم استيعاب طبيعة عملنا، وتسمح لنا الأهالي بتطعيم أطفالهم.

واختتمت أسماء حديثها: واجهنا المطر والبرد لكن كله في سبيل الشغل والأطفال اللي نفسنا ميكونش واحد منهم عنده شلل، هما ولادنا وابني مينفعش يمرض.

بينما روت الممرضة سماح محمود، 43 عاما، أن وظيفتها الرئيسية، الإشراف على فرق التمريض، والمرور على الوحدات وتوزيع الفرق، ثم تذهب إلى المنازل لمتابعة ومراقبة إذا كانت هذه الفرق تعمل على أكمل وجه أم لا، بالإضافة إلى تتابع العلامات التي توضع على المنازل من قبل الفريق المختص.

ممرضات الصعيد

وقالت سماح خلال حديثها مع القاهرة 24، إنه في نهاية كل يوم من أيام التطعيم، يتم عمل اجتماع يومي لتسجيل السلبيات التي واجهت الفريق الطبي، ومناقشة كافة الاقتراحات للوصول إلى أفضل مستوى صحي للطفل الصعيدي.

وأضافت سماح، أن السير في أماكن منعزلة عن العمار تسمى بـ الطرق المقطوعة، أصعب ما يواجهها يوميًا، بالإضافة إلى جهل بعض الأهالي عن التطعيمات فمنهم من لا يملك تليفزيون حتى الآن، مضيفة: بنقابل رد فعل غير متوقع منهم لما بنقولهم احنا مين، زي اتكلي على الله من هنا!.

واختتمت الأربعينية حديثها مع القاهرة 24: الحملة دائمًا ما تكون ناجحة بنسبة 90%، نحن اعتدنا على مواجهة مثل هذه المواقف وكيفية الخروج منها، من خلال الشرح البسيط لأهمية حماية الأطفال ضد الشلل.

تابع مواقعنا