الجمعة 29 مارس 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

الشيخ الشعراوي السياسي

الخميس 05/مايو/2022 - 05:34 م

الشيخ الشعراوى أحد أبرز علماء الأمة الذين جدد الله تعالى دينه على يديهم، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها)، فقد كانت خواطره فى تفسير القرآن يلتف حولها الجميع وما زالوا، لأسلوبه البسيط السهل، وكان منهجه وسطيا بعيدا عن التشدد فرحم الله الإمام رحمه واسعة.

ولكننا اليوم سنتحدث عن الشعراوي السياسي الذي ارتبط بثورة 1919 وتغنى بزعيمها سعد باشا، وكان يقول إنها ثورة شعبية عظيمة، وارتبط أكثر بالنحاس باشا الذي كان يلقبه بالرجل الطيب الورع داهية السياسة.

كانت دقادوس وفدية وكان شيخنا زعيما للطلبة في معهد الزقازيق، وكانت السلطات تعتبر الزقازيق مهدا للثورة، فكان يتخفى في دور بائع عيش حتى يهرب من البوليس ويستطيع الوصول للطلبة بالتعليمات بضرورة استمرار المظاهرات، حتى لجأ البوليس إلى الذهاب إلى قريته والقبض على والده وأخيه حتى يُسلّم نفسه، وهذا ما فعله الشيخ واستمر في الحبس لمدة شهر، وصدر قرار بفصله من الأزهر، ولحسن حظه عاد الوفد للحكم فألغى النحاس باشا تلك الأحكام وعاد إلى دراسته.

وبرغم وفدية الشيخ إلا أنه كتب أول منشور لجماعة الإخوان عندما انتقلت من الإسماعيلية إلى القاهرة، فقد كان شديد الإعجاب بحسن البنا وبشخصيته، وكان يرى فيها جماعة دينية تخدم الإسلام والمسلمين، حتى ألقى قصيدة تمدح النحاس باشا فى ذكرى وفاة سعد باشا، فتصادم معه أحد أقطاب الإخوان، وأوضح له أن النحاس هو عدونا الأول والأوحد، فهو زعيم الأغلبية، وأن أي سياسي أو حزب آخر قادرون على دهسهم، وهنا فهم الشيخ أن تلك الجماعة تسعى إلى الحكم فقرر عام 1938 ترك الجماعة إلى الأبد.

وعندما تولى الشيخ حمروش مشيخة الأزهر ذهب الشيخ لتهنئته فقد كان معلمه، واستقبله استقبالا حسنا، وأدرك من حول الإمام الأكبر خطورة الشعرواي، فوضعوا اسمه فى كشف البعثات وسافر إلى السعودية مبعدا.

ويحكي الشعراوي عن أول مرة قابل عبد الناصر في السعودية، بعد أن دعاه السفير المصري هناك ليكون في استقبال الرئيس عبد الناصر، ولكن حدث بعد ذلك ما لم يكن يتخيله عندما نزل إجازة إلى مصر وتم القبض عليه هو ومجموعة من زملائه في البعثة، بحجة أنهم قرأوا الفاتحة في مكة ضد العهد الجديد، ولم يفرج عنهم إلا بعدما قدموا لهم الصحيفة التي تثبت ترحابهم بعبد الناصر في زيارته للسعودية وصورة للشيخ وهو يجلس بين عبد الناصر وكمال الدين حسين.

وفي عام 1964 تولى المشيخة الشيخ حسن مأمون الذي اختار الشيخ الشعراوي ليكون مديرًا لمكتبه ولكن الشيخ اعترض على قبول المنصب في ظل قانون الأزهر الجديد الذي سلب الإمام كل حق له ووضع كل الصلاحيات في يد وزير شئون الأزهر، وظلوا بلا عمل في المشيخة حتى طلب من الإمام شيخ الأزهر الموافقة على قانون تحديد النسل فرفض.

ويحكي الشيخ شعراوي كان الإمام الأكبر لا يحب كلمة اشتراكية، ورددها أحد الحاضرين أمامه في مكتبه فاعترض وهنا مازحه الشعراوي لقد قبلت اليوم استقالتك، وهذا ما حدث فعلا فأثناء ذهاب الإمام الأكبر إلى المشيخة سمع في الراديو أنه قدم استقالته وأنها قبلت.

كان الشعراوي له موقف من ثورة 1952 وكان يرى أن القرار السياسي ليس من اختصاص رجال الحرب وأن رجال السياسة للسياسة ورجال الحرب للحرب دون خلط في الأدوار. وأن عبد الناصر تعجّل في قرار التأميم للقناة، وأن الصراع على السلطة أحد أسباب هزيمة 1967 وأن صلاته ركعتي الشكر كان لحمد لله في السراء والضراء، وأنه يجب الاستفادة من أخطائنا للوصول إلى الصواب.

وقد عاد الشيخ من السعودية عام 63 بعد توتر العلاقات بين مصر والسعودية، وسافر للجزائر فبعث الرئيس السادات في إحضاره ليسافر في مهمة سرية لعودة العلاقات بين مصر والسعودية مرة أخرى، ونجح في ذلك وعادت بعثات الأزهر مرة أخرى للسعودية.

وفي حكومة ممدوح سالم تولى الشيخ وزارة الأوقاف وشئون الأزهر، وقد قبل المنصب بعد إلحاح من ممدوح سالم واشتراطه عليه أن يكتب مذكرة يرفعها للرئيس بها شروطه، وأهمها أن يعدل قانون الأزهر الذي سلب شيخ الأزهر دوره، ويذكر الشيخ أن وعد ممدوح سالم لم يتحقق وألحّ عليه في الإستقالة فكان يرد أن لا أحد يستقيل إنما يُقال، واننا سنخرج قريبا معا.

وكانت أهم إنجازاته معركته مع رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية وتصفيته وتعريته بجرائم فساده، والسماح للمشايخ بتخطي درجة مدير عام والوصول إلى منصب وكيل وزارة، كذلك إنشائه بنك فيصل الإسلامى. ولكن خسر كل ماله في الصرف من جيبه على الوزارة.

وكان يرى أن السادات داهية وابن بلد، وأن قرار الحرب وتحمله حالات التندر قبل الحرب تحسب له، وأن قرار طرد الروس أهم من تأميم قناة السويس وأنه كان بعيد النظر عندما سافر إلى إسرائيل، فقد أراد أن ينزع عن إسرائيل الورقة التى تلعب بها أمام العالم بأن العرب وحوش يريدون إلقائها في البحر، وهم دولة مسالمة لذا نجح فى اعادة الأرض بدون إراقة دماء.

وقد هوجم الشيخ من مناحم بيجن بسبب أحاديثه في التليفزيون التى زعم بيجن أنها تهاجم اليهود، كذلك اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية الذي طالب في كل منصاته الإعلامية: أسكتوا هذا الرجل.

وفى عهد حكومة فؤاد محي الدين قال للرئيس السادات في وجود سيد جلال وعثمان أحمد عثمان بعد أن خلا منصب شيخ الأزهر بأنه عرض المنصب على الشيخ الشعراوي فرفض وذهب المنصب إلى الشيخ عبدالرحمن البيصار.

وعندما سأل سيد جلال الشيخ لسبب رفضه المنصب قال له إنه لم يُعرض عليه فتوجه سيد جلال إلى فؤاد محي الدين وقال له أنت قلت للسادات إنكم عرضتم المنصب على الشعراوي فرفض، والشعراوي يؤكد أنكم لم تعرضوا عليه المنصب، قال فؤاد فعلا لم نعرض عليه المنصب فنحن لسنا في قوة الشيخ الشعراوي لشعبيته الكاسحة.

وعندما حاول المنتفعون الإيقاع بينه وبين فضيلة الإمام البيصار، بأن الشعراوي طامع في منصب المشيخة، هنا قرر الشيخ التخلي عن لباس الأزهر الشريف، وتخلى عن الجبة والقفطان ولبس الجلباب والطاقية.

وقد عارض الشيخ قانون الأحوال الشخصية، ولم يصدر إلا بعد خروجه من الوزارة، وبدون إقرار من مجلس الشعب وقتها.

رحم الله شيخنا الجليل ورحمة الله تعالى رحمة واسعة.

تابع مواقعنا