الأحد 28 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

ورشة كتابة.. حتمًا الدراما صفرية!

الأربعاء 10/يناير/2024 - 01:05 ص

تخيلت نفسي صحفيًا في جيل التسعينات من القرن الماضي، والتقيت بأحد عظماء الكتاب والمؤلفين وقد يكون هذا حلمًا أو أمنية لم تتحق، على سبيل المثال: وحيد حامد، أسامه أنور عكاشة، ووجهت لـ أحدهم سؤالًا.. ما رأيك فيما يسمى بـ ورشة كتابة، وهو أكثر من شخص يتشاركا في كتابة أو تأليف عمل فني؟

وبشكل تلقائي رنة إجابة هؤلاء العظما في أذني، والتي كانت وصفًا دقيقًا عما نتحدث عنه اليوم، وهي " ده تهريج، فين الإبداع الشخصي"، وبعد الانتهاء من إجابة هؤلا العظماء، أيضًا اعتبرت نفسي وجهت نفس هذا السؤال لأحد المخرجين العظماء، يوسف شاهين، محمد خان، وغيرهما.. فهل سيوافق أحدهم على عمل نفسي مكتوب بأكثر من يد؟ وأعتقد إجابتهم لا تقل عن إجابة الكُتاب، وسيرفضون على الفور هذا التهريج.

وهذا ما يعاني منه الكثير من الأعمال الدرامية وأيضًا السينمائية، وسبب كبير من أسباب اختفاء وتدهور حالة المسرح في الشارع المصري، وهذا لا يعني أنني "أهاجم بعض المخرجين في الجيل الحالي لأنهم يوافقون على الدخول في عمل فني شارك في كتابته أكثر من يد تحت مسمى "ورشة سيناريو أو ورشة الكتابة" ولكنني أشفق عليهم لأنهم مازالوا يحاولون الوصول إلى نفس الدرجة الإبداعية التي وصل لها من سبقوهم.

ولا بد من طرح سؤال، لماذا يستسهل كثير من المبدعين في الجيل الحالي ويكون كل منهم فريقا يعاونه في كتابة أعماله؟ الجميع يعلم أن الأمر يعود لكسب أموال أكثر، فكيف تجلس وحيدًا لتخرج عملا فنيا متكاملا ومتماسكا في 12 شهرًا، وأنت تستطيع أنت تخرج كل شهر عملا فنيا "صفريا" بمعاونة ورشة الكتابة!

لكن أصحاب "المهنة" و"القلم" هم السبب الأول والرئيسي في تدمير الحالة الفنية الحالية في مصر والوطن العربي.. حتى وإن حققت أعمالهم نجاحا ملحوظا بسبب عدد الجمههور المصري الذي يتجاوز 100 مليون نسمة.

في الأجيال السابقة، مقومات نجاح العمل الدرامي كانت تتبلور حول 3 عناصر رئيسية وهي: مؤلف يكتب، مخرج يبدع، ممثل يجسد ويبهر، فيخرج عمل مهما مرت عليه السنين.. يبقى قمة في أي عصر وأي زمن يعرض فيه، من لا يحب مشاهدة ليالي الحليمة، ولن أعيش في جلباب أبي، وذئاب الجبل، وضمير أبلة حكمت، وغيرها من الاعمال التي ما زالت تعرض حتى الآن وتتصدر الأكثر مشاهدة.

ولكن الآن تلك المقومات تتلخص في “قناة للعرض، ممثل مشهور”.. واختفت الخانة الإبداعية، فمثلا فلان الفلاني يقدم عملا على القناة الفلانية.. وتلك القناة يتابعها جميع المواطنين.. فكيف يفشل العمل ويشاهده على الأقل أكثر من 50 مليون شخص كل ليلة؟ بالتأكيد لن يفشل حتى لو لم يكن هناك إبداع ونص متكامل.

وعندما ننتقل للسينما، نجد الوضع مختلفا، فالكثير من الأعمال غير المتكاملة تفشل فشلا ذريع ولا تحقق ثلث ما ينفق عليها، والفرق هنا أننا في الدراما العمل يفرض على المشاهد.. بينما في السينما المشاهد يذهب بنفسه لرؤية العمل.

خلاصة القول: نستطيع القول بأن الإبداع هبة من الله عز رجل، والتأليف موهبة ينعم الله بها على أحد عباده ليخرج كل طاقته في عدة أوراق تترجم بلغة إبداعية تحت مسمى سيناريو وحوار، ويحولها المخرج والممثل لمادة مرئية بصرية يشاهدها المتابعون والجمهور وتُرسم البهجة على وجوههم.. غير ذلك فهو تهريج ولا يوجد إبداع، كما قال وحيد حامد وأسامة أنور عكاشة في حواري الخيالي معهما.

تابع مواقعنا