الجمعة 26 أبريل 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

الفن والسياسة 

القاهرة 24
الأربعاء 03/يوليو/2019 - 07:32 م

كنت أود لو كان بإستطاعتى أن أتحدث عن الفن دون أن أٌقرنه بالسياسة ، ولكن ما يحدث دائماً فى الساحة الفنية والسياسية يجعل من المستحيل أن أتحدث عن الفن دون أن أربط بينه وبين السياسة ، فالسياسة مرتبطة بكل شئ فهل لها أن تمر دون أن تترك أثرها على الفن ، لا أعتقد ورغم ذلك فنحن أمام علاقة من نوع خاص ، يصفها البعض بأنها علاقة تزاوج بين الفن والسياسة فهل الفن هو من ينقل الحالة السياسية من مستوى لآخر في عين الجماهير ؟ أم أن السياسة تأكل الفن كما تأكل كل شئ؟ في الفن والسياسة لا يسعك أن تعتقد بأنك تفهم العلاقة بينهما بشكل واضح ، ما أود أن اقوله اليوم هو عدة تساؤلات عن هذه العلاقة واختلاف أثرها من شخص لآخر ، ونتائجها كذلك ،مبدئيا من أفضل العبارات التي تختزل الحديث عند تعريف الفن هو تصويره بأنه مرآة الشعوب ، فالفن هو حالة إبداع خالصة تعبر عن الانسان منذ الأزل بكافة مشاعره واحتياجاته وتناقضاته ومتطلباته المختلفة ،وكون الفن بإختلاف أنواعه هو وسيلة تعبيرية عن احتياجات الانسان ومع مرور الزمن وعصر الإنفتاح التكنولوجى أصبح المتلقى أكثر ذكاءاً وارتباطاً بالفنان الذي يقدم فنه الذى وجد بالأصل للتعبير عن حاجة الإنسان ومكنوناته الداخلية ، حتى تحولت العلاقة بينهما من طرف المتلقى لمحاسبة الفنان على كل شئ ، فتجد الملتقى يحاسب الفنان على رأيه وعلى ملبسه وعلى معتقداته ان اختلفت عنه و وهذا فى أعتقادى ما على المتلقى ان يعيد حساباته فيه فالفنان إنسان له ما له وعليه ما عليه لم يخلق حتى يكون نسخة كربونية ترضى أحد حتى وان كان الجمهور ، لكن ما لا نستطيع انكاره هو أن أصل الفن أن يخلق حالة ثورة دائمة على كل شئ تقليدى و هنا يقع الفنان فى الخطر فهل يرمى نفسه في حضن السياسة أم يسلك الطريق الأصعب وحده ؟.

لذلك كان لابد من الحديث عن حاجة السياسة للفن ، على مدار التاريخ كان يستخدم الفن لتمرير الكثير من الأجندات السياسية للشعوب وتخفيف آثارها على الناس من خلال تبنى الفنان لها ، فحاجة السياسة للفن لا تنتهى . لن أبالغ ان قلت أنها من أخطر العلاقات كون تأثيرها لا يعرف صغير أو كبير ، فهى تستهدف الجميع دون استثناء ، وان لم يكن المتلقى في حالة إدراك ووعى كامل سنجد أن المجتمع يتحول لكائن خامد بلا قدرة على التفاعل مع أى شئ .

وإعتقادى الشخصى ان علاقة الفن بالسياسة من غير مفيدة لكلا الطرفين في كثير من الأوقات ، فالفنان الذي لا يجيد فن السياسة سيخسر كثيرا سواء على الصعيد المهني او الانسانى حتى وإن كان من المبدعين ، ف كما قربت السياسة الكثير من الفنانين لحضنها ورفعت من شأنهم وقدرهم الا أنها استطاعت أن تجعل مصير الكثير منهم مجهول .

وأذكر هنا حالة تاريخية على علاقة الفن والسياسة قرأت عنها كثيراً ، بعد ثورة 1952 م ارتبطت أم كلثوم ارتباطا وثيقا بعبد الناصر رغم أن أغانيها قد منعت في بداية عهد الثورة ، قبل أن يتدخل عبد الناصر ليعيد أغانيها مرة أخرى ولم يقتصر على ذلك فقط بل طلب من السفير الأمريكى أن تعالج أم كلثوم فى مستشفى البحرية الأمريكية وغنت أم كلثوم لعبد الناصر العديد من الأغانى منها ( يا جمال يا مثال الوطنية ) وغنت أم كلثوم فى عدة عواصم عربية وعالمية لصالح المجهود الحربى عقب النكسة وقامت بجمع التبرعات ، فى المقابل ما تعرضت له ام كلثوم فى زمن السادات كان مناقضاً تماما لما كان فى زمن عبد الناصر ، فكانت تمنع من أداء الكثير من الحفلات الرسمية وكل ذلك كان لحساب سيدة مصر الأولى زوجة السادات.

وأختتم مقالى بسؤال مهم هل من الذكاء أن يترك الفنان نفسه ملكاً للسياسة ظناً منه أنها ستضمن له مكانة إعتبارية وحماية سياسية وقد تقصر عليه المسافات فى الوصول لهرم الشهرة والمجد ؟ أم سيكون معرضا للخسارة فى معارضة جماهيرة لما يفعل ؟

تابع مواقعنا