فضل سورة لقمان لتربية الأبناء.. تحدد أهم 11 صفة للإنسان السوي
يتعلق فضل سورة لقمان بصفات المسلم القويم والذي يريده الله تعالى على أرضه، فالسورة تحرك فينا إعادة النظر في الصفات التي نحملها نحن، أو نريد أن يحملها أبنائنا، كما تعد دليلا تربويًا ونفسيًا وإصلاحيًا ليس له مثيل. وعبر القاهرة 24 نبين فضل سورة لقمان كما جاء عن المفسرين، ومعلومات عن السورة الكريمة.
فضل سورة لقمان
يكتسب فضل سورة لقمان خصوصية شديدة، فعلى الرغم من اختلاف العلماء حول نبوة سيدنا لقمان، إذ قال بعضهم أنه كان رجلا صالحًا وليس نبيًا أو رسولًا، إلا أنهم أجمعوا على حكمته التي ميزه الله تعالى بها واتضحت من تعاليمه التي أضحت دليلا تربويًا يدرس بالمدارس.
ورد في تفسير السعدي أن الله تعالى أخبر عن امتنانه على عبده الفاضل لقمان، بالحكمة، وهي العلم [بالحق] على وجهه وحكمته، أي العلم بالأحكام، ومعرفة ما فيها من الأسرار والإحكام، فقد يكون الإنسان عالما، ولا يكون حكيما.
تبدأ سورة لقمان بتعريف المسلم المؤمن فيقول رب العزة "الٓمٓ (1) تِلۡكَ ءَايَٰتُ ٱلۡكِتَٰبِ ٱلۡحَكِيمِ (2) هُدٗى وَرَحۡمَةٗ لِّلۡمُحۡسِنِينَ (3) ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ يُوقِنُونَ (4) أُوْلَٰٓئِكَ عَلَىٰ هُدٗى مِّن رَّبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ".
ووفقًا للآية فإن المسلم الحق يجب أن تتوافر فيه صفات عبودية لا شك فيها وهي إقامة الصلاة وإتاء الصلاة والإيمان باليوم الآخر، لذلك وصف الله تعالى آيات سورة لقمان بأنها "هدى ورحمة للمحسنين" وهو أول ما يقال في فضل سورة لقمان.
ويعد أكثر جزء متداول من سورة لقمان، هو الجزء الخاص بوصية سيدنا لقمان لابنه، وعنه قال السعدي إن الحكمة مستلزمة للعلم، بل وللعمل، ولهذا فسرت الحكمة بالعلم النافع، والعمل الصالح، ولما أعطاه اللّه هذه المنة العظيمة، أمره أن يشكره على ما أعطاه، ليبارك له فيه، وليزيده من فضله.
فيشير فضل سورة لقمان في بداية السورة إلى طلب هداية الله تعالى بإقامة العبادات، ثم في منتصف السورة وردت صفات لا يجب أن يخلو منها وصف أي مسلم محسن وتقي، واختتمت بضرورة الإيمان بأقدار الله وأن الأمر كله في يده.
لذلك يمكن تلخيص فضل سورة لقمان فيما يلي:
- موضحة لصفات المسلم المؤمن وأن شكر الشاكرين، يعود نفعه عليهم.
- محذرة من الشرك بكل أنواعه وعواقبه الوخيمة.
- تبين أهم السلوكيات التي يجب أن يلتزمها المسلم ويعلمها لأولاده ليكون مسلمًا حسن الخلق.
- تحمل دلالات على حسن تقدير الله لحاجات الخلق وعدله وأنه قادر على كل شيء.
- تحدد للمسلم منهج حياة يحميه من الشرك بالله والاتصاف بصفات السفهاء والكافرين والمختالين.
مقاصد سورة لقمان
من أشهر مقاصد سورة لقمان، ما ورد من وصية لقمان لابنه من وصية تحمل أهم صفات المسلم القويم الذي يُضرب به المثل في الأخلاق الحسنة.
وفيما يلي نعرض مقاصد سورة لقمان التي حملتها وصية لقمان لابنه:
- العظة: قال تعالى "وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ"، حيث تشدد السورة على ضرورة وجود العظة بين الأب وابنه بالحسني والإفهام وبالأمر، والنهي، المقرون بالترغيب والترهيب، وليس العنف.
- الأمر بالإخلاص في العبادة ومراقبة النفس: إذ قال في أول وصية "يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ" وهو إشارة إلى أهمية التعليم الديني للطفل وتعريفه معنى الشرك وتحري الأفكار الشركية والاستعاذة من الشرك الأصغر والأكبر.
- بر الوالدين وخاصة الأم لما تحملته من آلام الولادة: فقال تعالى "وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنٖ وَفِصَٰلُهُۥ فِي عَامَيۡنِ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيۡكَ إِلَيَّ ٱلۡمَصِيرُ"، وهو إشارة مباشرة إلى ضرورة تقدير الطفل للمتاعب التي يتحملها والديه من أجله.
- التحذير من الطاعة الشركية: رغم حثه على طاعة الوالدين إلا أنه استثنى من ذلك الأوامر والنصائح الشركية فقال "وَإِن جَٰهَدَاكَ عَلَىٰٓ أَن تُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٞ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ".
- الوصية ببر الوالدين حتى وإن كانا عاصين أو قاسين والحذر من عقوق الوالدين: "وصَاحِبۡهُمَا فِي ٱلدُّنۡيَا مَعۡرُوفٗاۖ وَٱتَّبِعۡ سَبِيلَ مَنۡ أَنَابَ إِلَيَّۚ ثُمَّ إِلَيَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ".
- التأكيد على قدرة الله تعالى على كل شيء: فقد ضرب الله مثالا على لسان لقمان لابنه على قدرته العظيمة فقال "يَٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثۡقَالَ حَبَّةٖ مِّنۡ خَرۡدَلٖ فَتَكُن فِي صَخۡرَةٍ أَوۡ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ يَأۡتِ بِهَا ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٞ".
- أمر الأبناء بالصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: في قوله تعالى بالأمر المباشر "يَٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ وَأۡمُرۡ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱنۡهَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ".
- تعليم الأبناء الصبر على البلاءات وهو من علامات القوة والحكمة: "وَٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنۡ عَزۡمِ ٱلۡأُمُورِ".
- التحذير من التهاون في حقوق النفس والتذلل للناس والغرور: "وَلَا تُصَعِّرۡ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمۡشِ فِي ٱلۡأَرۡضِ مَرَحًاۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخۡتَالٖ فَخُورٖ"
- تحديد هيئة المشي التي يجب أن يلتزمها المؤمن: من مشي حركي أو المشي بمعنى السلوك، "وَٱقۡصِدۡ فِي مَشۡيِكَ" أي امش متواضعًا غير متشدد في أفكارك وكن لينا هينًا غير قاس.
- المسلم الحق صوته غير مرتفع: "وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَۚ إِنَّ أَنكَرَ ٱلۡأَصۡوَٰتِ لَصَوۡتُ ٱلۡحَمِيرِ" حيث ضرب لقمان لابنه أكبر مثال لا يحب الناس التشبه به لتوضيح مدى بشاعة وسوء الصوت العالي.
