شهدتها 4 منازل.. صور ريا وسكينة الحقيقيتين وحقائق قد تسمعها لأول مرة
حاول الفن التقرب من صور ريا وسكينة الحقيقيتين، في أعمال فنية تناولت قصتيهما ببعض من المبالغة أحيانًا، وتجاهلت مشاهد هامة أحيانًا أخرى، فمن المعروف أنهما أشهر سفاحتين في مصر وأول امرأتين يتم إعدامهما، ولكن هناك بعض الحقائق يجب ذكرها. في رحلة بين صور ريا وسكينة الحقيقيتين، نبحر عبر القاهرة 24 داخل أعماق القصة الشهيرة وتفاصيل روتها مصادر موثوقة.
صور ريا وسكينة الحقيقيين
يحتفظ منزل حي اللبان بالإسكندرية، بـ صور ريا وسكينة الحقيقيتين معلقة على جدران الجريمة، إذ شهد هذا المنزل مقتل 17 ضحية بهدف السرقة والانتقام، يسرد تلك الوقائع موقع ذاكرة مصر المعاصرة التابع لمكتبة الإسكندرية وكتاب الراحل صلاح عيسى عن السفاحتين.
تربت ريا وسكينة في أسوان وسط جوع وفقر قادحين، واستقرتا في الإسكندرية حيث بدأتا جرائمهما التي استمرت طوال سنوات مختبئة عن أعين الشرطة التي تعد الجارة الأولى لمنزلهما، وقد تسببتا في حالة فزع لدى المصريين، لدرجة أن المواطنين خافوا من تسمية بناتهم باسمي ريا وسكينة رغم انتشار الاسمين آنذاك.
الشقيقة الكبرى ريا والصغرى سكينة، استغلا ذكاءهما للتخطيط الجيد المحكم، بدأ بعملهما في البغاء والزنا الذي كان مصرحا به عام 1919، حتى حان موعد الغدر بأول ضحية لهما، وهي زميلة لهما في البغاء، قتلاها نهاية عام 1919، لتسرقا ذهبها الذي كان متراصًا على رقبتها ويديها.
وبعد نجاحهما بمساعدة رجال متورطين معهما، نجحتا في إخفاء جريمة قتل 16 ضحية، وانكشفت جرائمهما جميعًا على يد ابنة ريا في الجريمة السابعة عشرة، وبعد أن كان منزلهما مقبرة للضحايا، أصبح اليوم مزارًا ومتحفًا للجريمة تسردها الصور والجدران.
صور ريا وسكينة بالالوان
وبناءً على صور ريا وسكينة الحققيتين التي احتفظت بهما سجلات النيابة، تم إرفاق صور ريا وسكينة بالألوان داخل منزلهما لتوضيح ملامحهما والحفاظ عليها من الاندثار لسوء جودة الصور الأصلية، وقد أوضحت التحقيقات أن 4 منازل ساعدت السفاحتين لإخفاء جرائمهما، منزلهما رقم 38 شارع علي بك الكبير حي اللبان، والمنزل رقم 5 شارع ماكوريس والمنزلان رقما 6 و8 بحارة النجاة، وكلها مساكن استأجرتها الشقيقتان.
رجال ريا وسكينة
لم يقتصر رجال ريا وسكينة فقط على محمد عبد العال زوج سكينة، وحسب الله سعيد مرعي زوج ريا، بل كان هناك شريكان آخران هما عرابي حسان وعبد الرازق يوسف، إلى جانب أحمد الجدر وطوال عام كامل تمكنوا من نسج جرائم في الخفاء.
اعترفت ريا وذكرت اسم الرجلين، أنها تعرفت على عرابي حسان منذ ثلاث سنوات، باعتباره صديقا لشقيقتها سكينة، ثم تعرفت من خلاله على صديقه أحمد الجدر، وكانا شريكين رغم شدة كره حسب الله زوج ريا لهذين الرجلين؛ لشكه في أن أحدهما يحب ريا.
عائلة ريا وسكينة
لم تكن عائلة ريا وسكينة وقت الجرائم كبيرة، فقط تقتصر على وجود بديعة ابنة ريا، فيما عدا ذلك لم يعرف أحدًا بما يخفياه، كانت بديعة هي أول عدو لهما رغم خوفها الشديد من خالتها سكينة، فعقب تحري الشرطة لبلاغات عديدة والشك في ريا وسكينة، لم يكن هناك دليل كافٍ قبل رواية بديعة.
ضابط الشرطة استدعى بديعة لسؤالها، فترددت كثيرًا قبل أن تطلب الامان من عقاب خالتها وزوجها، وبمجرد الاطمئنان كشفت عن كامل تفاصيل العصابة والمتورطين وأماكن الدفن وكيفية استدراج الضحايا والدف العالي الذي كان يرج منزلهما مع كل ضحية جديدة.
ضحايا ريا وسكينة
بدأ الكشف عن ضحايا ريا وسكينة بتلقي عدة بلاغات غياب مبهمة الأسباب لسيدات فقط دون الرجال، تلقتها الشرطة كالتالي:
- 11 ديسمبر 1920: العثور على جثة امرأة بالطريق العام ووجود بقايا عظام وشعر رأس طويل بعظام الجمجمة وجميع أعضاء الجسم منفصلة عن بعضها وبجوار الجثة إيشارب أسود وجورب أسود، ولا توجد أدلة تشير إلى شخصية صاحبة الجثة.
- تقدمت سيدة ببلاغ إلى حكمدار بوليس الإسكندرية عن اختفاء ابنتها "نظلة أبو الليل"، البالغة من العمر 25 عامًا منذ عشرة أيام وقالت إنها تتزين بحلى ذهبية في يدها.
- في 16 مارس من نفس العام أبلغ مواطن عن اختفاء شقيقته "زنوبة" زوجة حسن محمد زيدان، وأكد مقدم البلاغ أن شقيقته خرجت لشراء احتياجات المنزل فتقابلت مع سيدتين من الجيران تدعيان "سكينة" وشقيقتها "ريا" وذهبت معهما إلى بيتهما ولم تعد شقيقته مرة أخرى، وتم استدعاء ريا وسكينة فأنكرتا معرفتهما بمصيرها لكنهما أكدتا معلومة مقدم البلاغ أن شقيقته كانت معهما، لكنها تركت منزلهما بعد شراء احتياجاتها.
- بلاغ آخر تلقته أجهزة الأمن من فتاة يفيد اختفاء أمها وتدعى "زنوبة عليوة" بائعة طيور عمرها 36 عامًا، وذكرت أن سكينة علي همام كانت آخر من تقابل مع والدتها.
- بلاغ من مواطن ذكر فيه أن زوجته "نبوية علي" اختفت منذ 20 يومًا.
- مواطن يفيد باختفاء زوجته "فاطمة عبد ربه" 50 عاما حيث خرجت ومعها 54 جنيهًا وتتزين بحلى ذهبية.
- اختفاء فتاة عمرها 13عاما، اسمها “قنوع عبد الموجود”.
- تاجر سوري الجنسية يبلغ ن اختفاء فتاة عمرها 12 عامًا، اسمها "لولو مرصعي" تعمل خادمة له خرجت لشراء طلبات للمنزل من السوق ولم تعد.
- بلاغ آخر يفيد اختفاء "سليمة إبراهيم الفقي" بائعة كيروسين.
- بلاغ من خديجة حرم "أحمد علي" الموظف بمخازن طنطا، يفيد أن ابنتها "فردوس" اختفت فجأة وكانت تتزين بحلى ذهبية وكانت سكينة هي آخر من شوهدت مع فردوس.
- تقدم رجل مسن يدعى أحمد مرسي عبده ببلاغ يفيد عثوره على عظام آدمية، أثناء قيامه بالحفر داخل حجرته لإدخال المياه والقيام ببعض أعمال السباكة، فأكمل الحفر حتى عثر على بقية جثة كاملة.
بعد الذهاب لموقع العظام، ساق القدر الشرطة لدخول الغرفة التي كانت تستأجرها ريا وسكينة، وبعد الشك في صندرة من الخشب تستخدم للتخزين داخلها والنوم فوقها، أمر الضابط بنزع بلاط الغرفة، حتى اكتشاف مقبرة متعفنة داخلها سيدة، وكل لك أما ريا التي انهارت واعترفت بجرائمها.
وخلال التحقيقات، أكد الطبيبان الشرعيان سيدني سميث وعبد الحميد عمار على أن الخنق هو سبب الوفاة، ورجحا أن تكون عمليات القتل تمت عن طريق كتم الأنفاس.
وأودعت المحكمة الطفلة "بديعة" ابنة ريا في إحدى دور الرعاية بالإسكندرية وتوفيت بعد ثلاثة أعوام من تنفيذ الأحكام، وقد تلقى أهالي الاسكندرية مشهد القبض على عصابة رية وسكينة بالزغاريد، ورددوا قبل إعدام ريا وسكينة يوم 21 ديسمبر عام 1921 “خمارة يا أم بابين.. روحت السكارى فين؟”.
وعقب تأكدهم من إعدام الشقيقتين تغير الهتاف إلى "عاش اللي شنق ريا.. عاش اللي شنق سكينة".
