الشعبة العامة للذهب: توقعات بمزيد من الارتفاعات بالأسعار حال استمرار التوترات السياسية بالمنطقة
تستمر تدفقات رؤوس الأموال نحو الذهب على مستوى العالم هربا من أسهم البورصة المتأرجحة والدولار الذي يتجه نحو التراجع بشكل حذر، حيث حقق الذهب خلال الأسبوع الحالي ارتفاعات متتالية حتى وصل سعره في وقت سابق من جلسة اليوم لمستوى قياسي بلغ 3357.40 دولارًا، وارتفع بأكثر من 27% منذ بداية العام، وذلك قبل أن يعود للانخفاض بنسبة 0.8% إلى 3317.63 دولارًا للأونصة، ورغم التراجع، فقد حقق الذهب مكاسب تجاوزت 2% منذ بداية الأسبوع.
ووفقا لبيان صادر عن الشعبة العامة للذهب والمجوهرات، يأتي هذا الانخفاض متأثرا بعمليات البيع لجني الأرباح السريعة، وذلك بعد تصريحات رئيس الفيدرالي الأمريكي جيروم أول أمس الأربعاء بأن البنك المركزي لم يكن ميالًا لخفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب، مشيرًا إلى الضغوط التضخمية وحالة عدم اليقين الاقتصادي التي أحدثتها التعريفات الجمركية الجديدة، وهو التصريح الذي خفف العبء عن الذهب فاتجه المستثمرون للبيع وتحسبا لما قد تسفر عنه الأحداث الاقتصادية الهامة المنتظر صدور قرارات بشأنها اليوم.
قرار السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي
وتتجه أنظار الأسواق العالمية إلى قرار السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي وتتجه التوقعات نحو خفض متوقع بمقدار 25 نقطة أساس في سعر الإيداع، ليصل إلى 2.25%، والذي سيعلن خلال مؤتمر صحفي ستعقده كريستين لاجارد، رئيسة البنك، كذلك انتظار بيانات مطالبات البطالة الأمريكية، كمؤشر لحظي لحالة سوق العمل الأمريكي.
ومن المتوقع أن ترتفع كل من المطالبات الأولية والمستمرة بشكل طفيف، لكن أي تجاوز ملحوظ للنطاقات الحالية، قد يثير مخاوف بشأن قوة سوق العمل.
كما يترقب المستثمرون كلمة لعضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي "بار" بصفته عضوًا مصوتًا في لجنة السوق المفتوحة، قد تقدم تعليقاته إشارات حول رؤية البنك المركزي للاقتصاد والسياسة النقدية في ظل التطورات التجارية والاقتصادية الراهنة.
تأتي كل هذه التوقعات مصاحبة لترقب مستمر لتطورات مفاوضات التجارة العالمية مع ترامب الذي أعلن قبل يومين تقدم المفاوضات مع اليابان، ولكنه عاد ليعلن فتح تحقيق بشأن فرض رسوم جمركية جديدة محتملة على جميع واردات المعادن الحيوية، إلى جانب مراجعات سابقة تشمل واردات الأدوية والرقائق الإلكترونية، متجاهلا كل الأصوات المطالبة بضرورة توقف هذا السباق الحاد والوصول إلى حلول مع الصين، خاصة بعد تصريحات الجمارك الأمريكية التي كشفت أمس الأربعاء عن تجاوز حصيلة الرسوم الجمركية التبادلية التي تم تحصيلها منذ الخامس من أبريل الجاري حاجز الـ 500 مليون دولار، وأن إجمالي الرسوم الجمركية التي تم جمعها منذ بدء تطبيق قرارات ترامب التجارية في 20 يناير، بلغ أكثر من 21 مليار دولار. مؤكدة أن المتوسط اليومي لحصيلة الرسوم الجمركية يبلغ نحو 250 مليون دولار، بما يخالف التصريحات المتكررة التي أدلى بها ترامب وأكد فيها أن الولايات المتحدة كانت تجمع ما يقارب ملياري دولار يوميًا من هذه الرسوم.
هذا التضارب دفع المحللون استمرار اللجوء للذهب كملاذ آمن بسبب حالة عدم اليقين الاقتصادي الكلي المستمرة. والتلويح بين الصين وأمريكا بحرب سيبرانية بدأت منذ فترة باختراق الصين لمواقع مالية أمريكية هامة.
السوق المحلي:
وعن تأثير هذه الاضطرابات العالمية على السوق المحلي يؤكد المهندس هاني ميلاد، رئيس الشعبة العامة للذهب والمجوهرات بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن السوق المصري يتأثر لحظيا بالسعر العالمي الذي تتحكم فيه الاضطرابات الجيوسياسية والتي دعمتها حالة التصعيد المنذرة بحرب اقتصادية عالمية تقودها أمريكا ضد الصين والعديد من دول العالم دفعة واحدة الأمر الذي يهدد التجارة العالمية بالكساد الكبير ويحقق خسائر فادحة للاقتصاد الأمريكي ينعكس بدوره على سعر الدولار، بفعل قرارات ترامب بفرض التعريفات الجمركية على الواردات الأمريكية من الخارج، مما أحدث اضطرابا قويا في حركة التجارة العالمية وتذبذب حاد في البورصات على مستوى العالم، الأمر الذي دفع بالمستثمرين وبالشركات العالمية والبنوك المركزية للاتجاه نحو التحوط بشراء المزيد من الذهب وضخ مزيد من الاستثمارات في المعدن النفيس الذي يعد ملاذا آمنا لا في مثل هذه الظروف المضطربة.
وقد وصل سعر الذهب عيار 21 مستوى 4756 جنيها، في حين حقق عيار 18 سعر 4084 جنيه، بينما وصل عيار 24 لسعر 5445 جنيها، وبلغ الجنيه الذهب سعر 38120 جنيها قبل الضريبة والمصنعية، وحقق سعر الأونصة 169362 جنيها، في حين وصل سعر الأونصة العالمية مستوى 3327 دولار وقت كتابة التقرير.
ميلاد: سعر الذهب سيرتفع حال استمرار التوترات السياسية
ويؤكد المهندس هاني ميلاد، في حالة استمرار هذه الظروف والتوترات الجيوسياسية المحيطة في العالم، حتما سيتجه سعر الذهب نحو المزيد من الارتفاع، ويبقى الأمل في تصاعد الأصوات المطالبة بضرورة عقد اجتماع طارئ للجمع ما بين الجانب الصيني والجانب الأمريكي للتفاوض من أجل الوصول إلى حلول مناسبة لتجاوز هذه المرحلة الصعبة التي تنذر بأزمة اقتصادية عالمية لا يعرف أحد إلى أي مدى تصل إذا استمرت بهذا القدر من التصاعد، إلا أن هناك جانب آخر نسعى للاستفادة منه وهو دراسة إمكانية تنمية الصادرات المصرية من المشغولات الذهبية لكل من أمريكا والدول الأوروبية في ظل ارتفاع قيمة الجمارك المفروضة عليهم من الولايات المتحدة الأمريكية.
وأضاف المهندس لطفي المنيب نائب رئيس الشعبة: لقد تأثرت حركة البيع في السوق المحلي بشكل كبير بارتفاع الأسعار العالمية، ومصر دولة أسواقها مفتوحة علي العالم أسعار الذهب فيها تسير معه لحظيًا، والزيادة الشديدة في أسعار الذهب عالميًا وتخطي سعر الأوقية لحاجز 3300 دولار بنسبة وصلت إلي 22٪ عن بداية العام وتولي ترامب الرئاسة الأمريكية واشتعال الحرب التجارية بين أمريكا والصين، وكذلك الارتفاعات غير المسبوقة لأسعار باقي المعادن الثمينة الأخرى، وكذا المعادن العادية والحرجة، وكذلك زيادة قيمة العملات النقدية الحرة مثل اليورو أمام الدولار، يمكن تلخيصه بأن الحرب نتيجتها حتي الآن انخفاض لقيمة الدولار عالميًا وهو أمر يعتبر ميزة نسبية للدول التي عليها مديونيات بالدولار لثبات المديونية مع اخفاض قيمة الدولار بشرط أن تمتلك تلك الدول فرص تصديرية لسلع ومنتجات بالأسعار الحالية بعد ارتفاع اسعارها بالدولار.
وعن السوق المصري يقول المهندس أسامة: بالنسبة لنا ومع بداية الأزمة اتجه السوق المصري نحو التصدير، وأعتقد أن الفرصة مناسبة لعقد اتفاقيات أو فتح قنوات لتصدير الذهب للدول التي لها مع مصر علاقات طيبة مثل فرنسا حاليًا لتنمية الصادرات المصرية من المشغولات الذهبية لفرنسا.
في حين أكد عمرو المغربي، عضو الغرفة التجارية بالقاهرة أن ارتفاع السعر العالمي بسبب زيادة اقبال الدول والبنوك المركزية على رفع الاحتياطي الخاص بها من الذهب بالإضافة لإقبال المستثمرين على الشراء، زاد من مخاوف المستهلك من الارتفاع المستمر ودفع الكثيرون نحو الاقبال على شراء الذهب وخاصة السبائك والعملات وبعض المشغولات حفاظا علي قيمة المدخرات، فنشطت نسبة الطلب عن المعروض خلال الأيام السابقة، ومن المتوقع زيادة لطلب مع اقتراب موسم عيد الأضحى واجازة الصيف حيث تنشط مناسبات الخطوبة والزوج وتتراجع ضغوط مصاريف المدارس.
وعن إمكانية الاستفادة من الوضع الراهن يقول المغربي: فرضت الإدارة الأمريكية على مصر نسبة 10٪ وهي من قل النسب المفروضة بشكل عام، وهنا يمكن أن نحاول استغلال الفرصة بفتح سوق للمشغولات المصرية والعمل على التصدير لأمريكا، فهي فرصة جيدة نعمل على استغلالها خلال الوقت الراهن.


