من صعيد مصر إلى بيت الله الحرام.. كرسي إيناس لم يمنعها من الوصول إلى الحلم
في قلب الجنوب المصري، وبين حواري محافظة سوهاج، كانت عائلة بسيطة تعيش على حلم واحد يتردد في الدعاء صباحًا ومساءً، أن يرزقهم الله زيارة بيته الحرام، لم يكن الحلم عاديًا، ولم تكن الرحلة سهلة؛ فإيناس، ابنتهم ذات الـ23 عامًا، تعاني من إعاقة حركية وتستخدم كرسيًا متحركًا، لكن عزيمتها كانت أكبر من كل العوائق.
كرسي إيناس لم يمنعها من الوصول إلى الحلم
سنوات طويلة ظلت الأم إنعام ترفع يديها إلى السماء، تسأل الله حجّة تجمعها بزوجها وابنتها، وتمنحها فرصة أن ترى الكعبة المشرفة بعينيها لم تيأس، ولم تُطفئ الظروف نور الأمل في قلبها، حتى أتاهم الفرج هذا العام، ضمن بعثة حج الجمعيات الأهلية التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي.

وبين زغاريد الفرح، ودموع الشكر، وطواف الأرواح حول الكعبة، وقفت إيناس تبتسم. الحمد لله، متيسرة أوي أول مرة أشوفها واستخدمت الأسانسير بالكرسي، يسّرت عليّا النزول، قالتها وهي ترفع يديها للسماء، وكأنها تلمس الحلم بيديها لا بعينيها فقط.


رحلة العائلة إلى مكة المكرمة لم تمر دون أن تترك أثرًا على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد لفتت قصة إيناس الأنظار، بعدما تم توفير مصعد خاص ساعدها على النزول من الأتوبيس وهي جالسة على كرسيها، وسط ترحيب سعودي دافئ يعكس روح العناية والرحمة التي يلقاها حجاج بيت الله، وخاصة من ذوي الإعاقة.

قال الأب شعبان عباس، وهو يمسك بكرسي ابنته وعيناه تدمعان من شدة الامتنان،احنا في نعمة كبيرة: الحج كان حلم بعيد، والحمد لله اتحقق، واللي أسعدنا أكتر إن بنتنا معانا، شايفة الكعبة وبتدعي لم يكن يتخيل أن يتحقق الحلم بهذا الشكل، وبهذه السلاسة، وبهذا الكرم.
منذ انطلاق موسم الحج، وفئات ذوي الإعاقة تحظى بعناية استثنائية من السلطات السعودية. تم تجهيز المسارات المخصصة في مناطق الطواف والسعي، وتوفير عربات كهربائية، ومرشدين مدرّبين، إلى جانب خدمات الترجمة بلغة الإشارة، ومصاحف بلغة برايل، وتطبيقات ذكية تُرشد الحجاج وتوفر لهم المعلومات والخدمات.
يا رب أشوفها ماشية على رجليها
قالت الأم وهي تنظر إلى ابنتها بحب وامتنان: يا رب أشوفها ماشية على رجليها، كلماتها كانت أكبر من مجرد أمنية، بل كانت إعلان إيمان عميق بأن المستحيل لا يقف في وجه الدعاء، وأن رحلة الحلم تبدأ بخطوة، حتى لو كانت على كرسيّ متحرّك.


