تقارير: بوتين يبتسم على مائدة السلام.. ويشهر خنجر الحرب في أوكرانيا
بينما تُعقد "محادثات سلام" في إسطنبول، وتُبادَل الأسرى بأكبر صفقة منذ بداية الغزو الروسي، يتقدّم الجنود الروس على الأرض في صمت ناريّ، ويزداد الدخان في سماء أوكرانيا كثافة، حاملًا معه لغة موسكو الحقيقية، حسب وصف صحيفة التليجراف البريطانية.
بوتين يبتسم على مائدة السلام.. ويشهر خنجر الحرب في أوكرانيا
فلاديمير بوتين، الذي يروّج عبر دبلوماسييه لما يُسمى "خارطة طريق" لإنهاء الحرب، لم يطرح شروط سلام بقدر ما صاغ بيان استسلام غير قابل للتفاوض، تقول كييف. فمن بين مئات الأطفال الذين اختطفتهم روسيا، أفرجت عن عشرة فقط. أما على الأرض، فالقصف يتصاعد، والجبهات تشتعل، والجنود الروس يتدفقون نحو الحدود في استعداد لموسم دم جديد.
الكرملين لا يتجه نحو التهدئة، بل يخوض تحضيرًا ممنهجًا لحرب صيفية شاملة. الطائرات المسيّرة، والموجات المتتالية من الجنود الجدد، وتقنيات القتال المتطورة كلها تسير في اتجاه واحد: كسر الجمود، وتوسيع الجبهة، وتكريس السيطرة على دونباس.
التاريخ يعيد نفسه؛ كل صيف منذ بدء الحرب كان مرحلة تصعيد، واليوم، جميع المؤشرات تشير إلى أن المعركة دخلت فصلًا جديدًا. القوات الروسية تحقّق تقدمًا غير مسبوق منذ الخريف الماضي، وتتحرك بخطط دقيقة باتجاه مناطق حيوية، مثل كوستيانتينيفكا، العقدة اللوجستية الأهم في دونيتسك، ومفتاح الدفاع عن كراماتورسك.
الأمر لا يتعلق بعدد الكيلومترات التي تتقدم فيها القوات الروسية، بل في نوعية الحرب. لم تعد المدرعات الكبيرة تخترق المدن، بل وحدات صغيرة تتحرك بدراجات نارية أو مركبات خفيفة، مدعومة بطائرات مسيّرة هجومية قادرة على استهداف الخنادق بدقة قاتلة. والأسوأ: دخول المسيّرات المزودة بألياف ضوئية جعل وسائل التشويش الأوكرانية عاجزة.
القلق يسيطر على الميدان والقيادة السياسية
على الجانب الأوكراني، القلق يسيطر على الميدان والقيادة السياسية. كييف تواجه صعوبة في تجنيد ما يكفي من الجنود الجدد، رغم الحوافز المالية والقروض المجانية للشباب. في الوقت نفسه، تترقب بصمت موقف الحلفاء، وسط شكوك كبيرة في جدية دعمهم المستقبلي، خاصة إذا عاد دونالد ترامب إلى المشهد في واشنطن.
أما روسيا، فتمدّ الجبهة بما يقارب 620 ألف جندي، رغم الخسائر الثقيلة التي تجاوزت 400 ألف العام الماضي وحده. المال وحده يُجند الجيوش الآن، ولا سيما في المناطق الفقيرة داخل روسيا. حتى إنتاج المسيّرات بات شبه صناعي، بفضل خطوط تجميع تستعين بعاملات من إفريقيا.
وسط كل هذا، يبدو أن بوتين لا يريد أن ينتصر فقط، بل يريد أن يقنع العالم بأنه ما زال يملك زمام المبادرة، وأن كلمته الأخيرة لن تُقال على مائدة المفاوضات، بل على ركام المدن الأوكرانية.
هذه ليست مجرد معركة أخرى. إنها محاولة لإعادة تعريف من يملك اليد العليا في حرب لم تَعُد تحتمل وصفها بـ"طويلة الأمد". ما ينتظر أوكرانيا في هذا الصيف ليس فقط تصعيدًا، بل إعادة رسم لحدود الحرب نفسها.


