رئيس جامعة الأزهر: هذه الآية تمثل دعوة إيمانية لتقدير نعمة الهداية
قال الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، إن آيات الحج الكريمة تحدثت عن الإفاضة مرتين، مشيرًا إلى أن العلماء أجمعوا على أن الإفاضتين المشار إليهما في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ﴾، وقوله: ﴿ثُمَّ أَفِضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾، هما إفاضة واحدة من عرفات إلى مزدلفة، وليستا إفاضتين منفصلتين كما قد يتوهم البعض.
رئيس جامعة الأزهر: وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ تمثل دعوة إيمانية لتقدير نعمة الهداية
وأوضح داود، خلال تصريحات تليفزيونية، اليوم الجمعة، أن هذا الفهم يستند إلى حديث السيدة عائشة رضي الله عنها، الذي يوضح أن قريشًا كانت تخالف العرب في وقوفها بمزدلفة يوم عرفة، فأنزل الله تعالى الآية لتأمر الجميع بالوقوف بعرفة، مؤكدًا أن الوقوف بمزدلفة يوم عرفة كان خروجًا عن الجماعة وخلافًا لما أمر الله به الناس كافة.
وأشار إلى أن ظاهر الآية قد يُفهم منه أن هناك إفاضتين مختلفتين، إلا أن العطف بلفظ ثم هنا يفيد التراخي الزمني وليس التغاير في الفعل، موضحًا أن الإفاضة الثانية جاءت تأكيدًا للأولى مع بيان أن موضع الإفاضة هو حيث يقف الناس جميعًا، في وحدة شعائرية جامعة.
وتابع رئيس الجامعة حديثه عن السياق القرآني، موضحًا أن الآيات الكريمة دعت عقب الإفاضة إلى الاستغفار، قائلًا: الاستغفار بعد أداء العبادة يطهّر النفس من الغرور والاستكبار، ويقرّب العبد من ربه، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يستغفر عقب صلاته، وهو أدب نبوي يعترف فيه العبد بتقصيره مهما اجتهد في طاعة الله.
وفي سياق متصل، أكد الدكتور سلامة داود أن قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ﴾ تمثل دعوة إيمانية عميقة لتقدير نعمة الهداية، التي لا يمكن للإنسان أن يؤدي شكرها مهما اجتهد، معتبرًا أن الكاف في "كما هداكم" تفيد التسوية بين الذكر وشكر الهداية، وهو أمر لا يُدرك كماله لعِظَم النعمة.
وأضاف أن القرآن لم يقيّد الهداية في هذه الآية بمناسك الحج وحدها، بل أبقاها مفتوحة لتشمل كل صور الهداية الإلهية، سواء في التوحيد أو الصلاة أو الزكاة أو مكارم الأخلاق، مؤكدًا أن الهداية هي أعظم النعم التي يمنّ الله بها على عباده.
وأوضح داود أن قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ﴾ يصوّر عظمة التحول من الضلال إلى الهداية، باستخدام من للدلالة على الاندماج السابق في حال الضلال، مشيرًا إلى أن هذه التذكرة القرآنية تجعل المؤمن دائم الشعور بفضل الهداية عليه.
واختتم رئيس جامعة الأزهر حديثه قائلًا: لا ينبغي للمرء أن يتوقف عند سؤال: من هلك؟ بل عليه أن يسأل: من نجا وكيف نجا؟ فالهداية لا تأتي إلا بتوفيق من الله وسعي من العبد، ولا يجب حصر شكر الله في موسم الحج فقط، بل ينبغي أن يشمل كل جوانب الحياة، وكل لحظة يعيشها الإنسان في طاعة الله ورضاه.
- سلامة داود
- جامعة الأزهر
- الإفاضة في الحج
- تفسير آيات الحج
- الإفاضة من عرفات
- الإفاضة من مزدلفة
- وقوف قريش بمزدلفة
- تفسير بلاغي للقرآن
- بلاغة القرآن والسنة
- قناة الناس
- الاستغفار بعد العبادة
- نعمة الهداية
- واذكروه كما هداكم
- التسوية في البلاغة
- الهداية في القرآن
- الضلال والهداية
- نعمة التوحيد
- مناسك الحج
- أخلاق المسلم
- التواضع في العبادة
- شكر النعمة


