الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

«تورتة البرلمان» و«العمدة الناقص»..! (1-2)

محمود علي
مقالات
محمود علي
الإثنين 14/يوليو/2025 - 09:52 م

في إحدى الليالي منذ حوالي سنتين أو أكثر قليلًا فوجئت بطلب صداقة على "فيسبوك" من رجل خمسيني يرتدي زيا يصلح أن يكون فلاحا أو صعيديا "جلابية بلدي وصديري" يسبق اسمه لقب العمدة، وبالبحث في حسابه وجدت له أكثر من حوار على قنوات تليفزيونية درجة ثالثة، وأرشيفًا من قصاصات ورقية لكلامه، باعتباره أحد قيادات نقابة الفلاحين، وعضوا بأحد الأحزاب من الدرجة الثالثة في جرائد ومواقع صحفية درجة رابعة وخامسة.

ووجدته أيضا صديقًا لدى مجموعة من الزملاء والأصدقاء، سألت أحدهم عنه وأجابني بأنه شديد التقرب من الصحفيين والإعلاميين، وحاول صداقته أكثر من مرة، لكن صديقي رفض لعدة أسباب، أبرزها شخصية "العمدة" الانتهازية القائمة على المصلحة، وأنه ليس لديه الوقت ولا القابلية لمصادقة شخصية بهذا النوع.

في البداية، لُمت صديقي واعتبرت تصرفه مع الرجل نوعا من التكبر، خاصة أننا في مجال قائم على التعارف والتقرب من الناس، لكن في نفس الوقت وضعت كلامه ووجهة نظره في عين الاعتبار، وما هي إلا دقائق معدودة من قبولي طلب صداقة "العمدة صديق الصحفيين والإعلاميين" حتى فوجئت بسيل من الأسئلة الفضولية المزعجة، مثل: "رقم هاتفي، وسني، وبلدي بالتحديد، المحافظة والمركز والقرية، واهتماماتي، ومكان عملي، والقسم الذي أعمل به، وحالتي الاجتماعية، وعدد أفراد أسرتي، وحالتهم المادية"!

تخلّل هذه الأسئلة تساؤلات أخرى مستفزة لم تكد تتوقف، مثل: "تعرف فلان اللي شغال معاك في عملك؟.. طيب تعرف فلان الفلاني.. لأ معرفوش.. إزاي متعرفوش ده من عندكم من الشرقية؟!.. طيب تعرف فلان اللي شغال في جريدة كذا أو قناة كذا.. اه أعرفه.. ده حبيبي ودي صورتي معاه.. طيب تعرف فلان باشا أو علّان بيه.. ولا يمهلني فرصة لأجيبه أعرفه أم لا.. يرسل صورته معه ويتباهى بأنه صديقه ويسهر معه طوال الليل ويحضر معه المؤتمرات المهمة".

وقضيت ليلة طويلة في الرد على هذه المحادثة السخيفة التي لم أعلم -وقتها- السبب الرئيسي لها، لكني وجدت نفسي مضطرًا لاستكمالها حتى لا أكسر بخاطر الرجل، وفي نفس الوقت عزمت على أنها ستكون الأخيرة خاصة أنني ليس عندي الوقت ولا الجهد لتكرارها، لكن هيهات فـ"العمدة اللئيم" ليس بهذه السذاجة التي تجعلني "أفلفص" منه بسهولة!

وبدأ "العمدة" يستدرجني في محادثات أخرى من هذا النوع، أرد عليه في أحيان، وأتجاهله كثيرا في أحيان أخرى، وبدأت صفحته تمثل لي إزعاجا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وتحولت إلى معرض صور له سواء في قريته، أو هنا في القاهرة، مصحوبة بأغانٍ عن الهيبة والقوة والنفوذ، وهيئته وطريقته تتنافى تمامًا مع كل ما يحاول الترويج له.

بدأت أتلمس الأعذار لصديقي الذي رفض منذ اللحظة الأولى الاقتراب من هذه الشخصية المتطفلة، وبدأ "العمدة" يعرض عليّ المقابلة أكثر من مرة، وفي كل مرة أتحجج له بظرف، لكن الرجل الخمسيني الخبير الذي دخل عالم السياسة منذ سنوات، درس شخصيتي وعرف كيف يخطط للقاء قريب، فوجدته يسألني عن محل سكني بالقاهرة وعندما أجبته أصابته الدهشة لأنه يسكن بمنطقة مجاورة جدًا لي، وأن العمارة محل سكنه بها شقق كثيرة أسعارها رخيصة، سواء الإيجار أو التمليك، وأنه على أتم الاستعداد لخدمتي والتوسط لي عند صاحب السكن لأحصل على شقة بهذه العمارة.

ليس ذلك فحسب، بل إن شقته مفتوحة لي ولأي أحد من طرفي في أي وقت، وأنه سيعزمني مرات فيها وفي أماكن أخرى فخمة، وسيعرفني على قيادات وشخصيات مرموقة، وهذا كله لوجه الله وخدمة لأخيه محمود الذي أحبه واستلطفه واعتبره بمثابة أخيه الأصغر، خاصة أنه يحمل شبها كبيرا منه.

أمام هذا الإصرار، ورغم عدم اقتناعي بأي شيء مما قاله، لمس عرض الشقة وترًا حساسًا في قلبي، وفي إحدى المرات وافقت على مقابلته في أحد المقاهي، وبالفعل تم اللقاء، ووجدتني أمام شخصية ناقصة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.

للمقال جزء ثانٍ ينشر قريبًا

تابع مواقعنا