الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

الكرامة لا تنبت حيث تنفجر آبار النفط

الإثنين 14/يوليو/2025 - 07:51 م

جبال مليئة بالذهب وآبار تضخ الزيت والغاز وثروات تتوزع بين باطن الأرض وجوف البحار لم تعد كافية لتمنح الدول كرامتها أو تحفظ لها وزنها في هذا العالم الذي تتبدل فيه موازين القوة كل يوم وفي هذا الزمان الذي يسوده العلم ومهما تطورت التكنولوجيا سيصبح العلم  هو السلاح الأجدر بالخشية وهو الثروة الحقيقية التي تعوضك عن آبار البترول ومناجم الذهب.

تلك الحقيقة يعرفها القاصي والداني وقد تجلت بمرارة في مواقف كثيرة وآخرها في غرب إفريقيا حيث البلاد التي  تفيض أرضها بالخيرات، لكن تخذلها سماء علمها.. موريتانيا، السنغال، غينيا بيساو، والجابون، دولٌ تملك من الثروات ما يُسقط الفقر عن قارة بأكملها أو دول كالتي يديرها ذلك الترامب. 

موريتانيا تختزن جبالها الحديد والذهب، والجابون تسبح على بحيرات النفط وتستند علي مناجم  المنجنيز، والسنغال تدلف إلى بوابة الغاز بثبات، بينما تغرق غينيا بيساو في بحر من الموارد البحرية والمعدنية.. ولكن ما نفع كل هذه الكنوز إذا كانت العقول غائبة، والتعليم يئن تحت ركام الإهمال؟ فالمأساة ليست في غنى الأرض، بل في فقر الفكر، ولهذا لم يكن غريبا  وفي الأسبوع الماضى جلوس رؤساء هذه الدول أمام  ترامب، في لقاء لن تسجله ذاكرة السياسة بقدر ما سيحفر في ذاكرة الإهانة. 

ترامب بعرجفته وصلافته، لم ير فيهم إلا أناس مجهولين لا يعرفهم وكأنهم غرباء دلفوا إلى البيت الأبيض في زيارة مفاجئة طالبا منهم أن يقدموا أنفسهم ويعرفوا دولهم ولكن في إنجاز وإيجاز، ليس لأن جدول أعماله مزدحم اليوم كما قال ولكن لأنه يدرك ببساطة أنهم يملكون الثروة لكنهم لا يملكون القرار ولا العقل الذي ينتج القرار وعلى القياس دول كثيرة.

في الجانب الآخر من هذا المشهد، تقف إيران وقد ضيق عليها الخناق لسنوات طويلة لكنها اهتمت بالعلم والعلماء فبنت من العقل حصنا ومن المعرفة سلاحا لتطور ترسانة صواريخها بدقة، وأثبتت أن العزلة لا تكسر العلم بل تصقله.

وحين اندلعت حرب الاثنى عشر يوما فلم تطلق إسرائيل النيران فقط بل اغتالت العلماء أولئك الذين لا يظهرون على الشاشات، لكنهم يغيرون خرائط القوة، فتجربة من عالم أخطر من المنصات، وأفتك من السلاح، لترد إيران بالعلم وبلغت صواريخها العمق الإسرائيلي،  لتسارع إسرائيل إلى التهدئة ووقف الحرب فلولا العلم لما عادت إسرائيل خطوة إلى الوراء.

هنا يظهر الفارق: إيران فرضت معادلتها لأنها آمنت بالعقل والعلم، أما دول غرب إفريقيا، فظلت حبيسة خاماتها، أسيرة مناجمها، لأن الاستثمار الحقيقي غاب عن الإنسان، لا الأرض.

كرامة الدول لا تهبط من السماء، ولا تستخرج من جوف الأرض، بل تصاغ في عقول أبنائها، علي مقاعد الدرس وتصقل في معامل البحث، فإما أن ترتقي الأمم من باطن الأرض إلى قمة الفكر، أو تبقى حيث يضعها أمثال ترامب على الهامش، حتى لو كانت تجلس فوق الذهب.

تابع مواقعنا