انتقادات واسعة لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية بسبب معلومات مضللة حول مضادات الاكتئاب خلال الحمل
أثار اجتماع عقدته إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA حول استخدام مضادات الاكتئاب خلال فترة الحمل موجة من الانتقادات من قبل عدد من الأطباء النفسيين، الذين وصفوا محتوى الجلسة بأنه مليء بالمعلومات المضللة والادعاءات غير المدعومة علميًا.
انتقادات بسبب معلومات مضللة حول مضادات الاكتئاب أثناء الحمل
وحسب ما نشرته صحيفة NBC، أشار الأطباء إلى أن ما اعتبروه مخاطر محتملة على الجنين مثل التوحد، والإجهاض، والعيوب الخلقية، بل ذهب بعضهم إلى الادعاء بأن هذه الأدوية عديمة الفعالية وأن الاكتئاب يمكن أن يزول من تلقاء نفسه، وهو ما اعتبره متخصصون في الطب النفسي طرحًا غير دقيق وخطير.
وفي هذا السياق، قال الدكتور جوزيف جولدبرج، أستاذ الطب النفسي السريري في كلية إيكان للطب، إن اللجنة بالغت في إبراز مخاطر لا تستند إلى دليل علمي متين، دون مراعاة أضرار الاكتئاب غير المعالج على الأم والجنين، ومن جهتها أعربت الدكتورة جينيفر باين، مديرة برنامج الطب النفسي التناسلي بجامعة فيرجينيا، عن استيائها من استضافة مشاركين من خارج الولايات المتحدة، في وقت يتوفر فيه خبراء محليون على دراية واسعة بالأدبيات الطبية ذات الصلة.
وقد ردّت إدارة الغذاء والدواء في بيان رسمي بأن الاتهامات بانحياز اللجنة تُسيء إلى العلماء والأطباء الذين يقدمون خبراتهم باستقلالية، مؤكدة التزامها بأحدث المعايير العلمية لحماية الصحة العامة.
جدل حول فعالية مضادات الاكتئاب ومطالب بتشديد التحذيرات
وأكد الأطباء أن النقاش حول فئة مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية SSRIs، مثل ليكسابرو وبروزاك وزولوفت، وهي من أكثر أدوية الاكتئاب شيوعًا، ورغم أن بعض الدراسات الرصدية أشارت إلى وجود أعراض مؤقتة لدى الأطفال حديثي الولادة، مثل العصبية وصعوبات النوم، إلا أن معظم الأبحاث لم تثبت وجود صلة قوية بين هذه الأدوية والتشوهات الخلقية أو التوحد.
وفي المقابل، حذّر أطباء نفسيون من أن إيقاف العلاج قد يعرض النساء الحوامل لخطر تكرار نوبات الاكتئاب، بما يحمله ذلك من مضاعفات نفسية وجسدية، مثل التفكير في إيذاء النفس أو انخفاض وزن المولود.
وحذرت الدكتورة نانسي بايات، المتخصصة في الطب النفسي لفترة ما حول الولادة، من أن منع النساء من تلقي العلاج قد تكون له نتائج صحية سلبية، مؤكدة أن أفضل ما يمكن أن تفعله المرأة الحامل لنفسها وطفلها هو الحصول على الرعاية المناسبة.
اتهامات بالترويج لنظريات مؤامرة
اتهم عدد من المتحدثين خلال الندوة، ومنهم الدكتور ديفيد هيلي من المملكة المتحدة، شركات الأدوية بالتلاعب بالبيانات لصالح تسويق مضادات الاكتئاب، مدّعيًا أن هذه الأدوية لا تساعد مرضى الاكتئاب الشديد، وواجه هذا الطرح رفضًا قاطعًا من قبل متخصصين بارزين مثل الدكتور جولدبرج، الذي شبّه هذه المزاعم بنظريات المؤامرة، مؤكدًا وجود أدلة قوية على فعالية الأدوية المعتمدة.
ودعت الدكتورة كاي روسوس روس، أستاذة الطب النفسي والتوليد بجامعة فلوريدا، إلى تناول الأدلة العلمية بأقصى قدر من الموضوعية، مشددة على ضرورة التمييز بين البيانات الموثوقة والدراسات المنعزلة.
وعبّر أطباء لم يشاركوا في الندوة عن قلقهم من أن يُفضي هذا النقاش إلى تغييرات تنظيمية تعيق الوصول إلى العلاج، مثل فرض تحذيرات أقوى على عبوات الدواء، وقالت الدكتورة ليندسي ليبين من جامعة كولورادو إن هذا الخطاب قد يؤدي إلى “المزيد من الحواجز أمام الراغبين في تلقي الرعاية النفسية”.
من جانبها، أكدت الكلية الأمريكية لأطباء النساء والتوليد أن مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية تظل خيارًا ضروريًا، بل ومنقذًا للحياة في بعض حالات الحمل المصحوبة باكتئاب حاد.
