السبت 06 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

المصيف

 تامر عبد المنعم
مقالات
تامر عبد المنعم
الأربعاء 23/يوليو/2025 - 06:59 م

لازالت رائحة المصيف - أعني مصيفنا في أواخر سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي - لازالت هذه الرائحة البديعة في ذاكرتي الأنفية ولا زالت تفاصيل تلك الأيام تداعب ذاكرتي وتأخذني بحنين للماضي؛ لم يكن المصيف في أيامي كمصيفكم هذا ولم تكن اهتماماتي نفس اهتماماتكم هذه، ولم تكن الصحبة بيننا كصحبتكم مع هؤلاء. 


كان مصيفنا إما بالعجمي أو المعمورة أو مرسى مطروح أي على شواطئ نفس البحر الذي تستخدمونه الآن بشواطئكم، وكانت ساعات الصباح الأولى هي التي تشهد لحظة دخولنا الشاطئ عكس أغلبكم التي تشهد ساعات الصباح الأولى خروجكم من السهرات الليلية؛ كان المايوه والشبشب والتي شيرت هي أدواتنا الأساسية لطقس البحر البديع، بينما ساعاتكم الفاخرة والبراندات هي همكم الأول والأخير؛ أتصور أن الكوافيرات الحريمي كانت تعاني من نقص الزبائن في أوقات مصيفنا، بينما الأمر معها هذه الأيام قد تغير وتبدل تماما حيث الشعر والماكياج أصبحا مادة للتباهي بين سيدات المصيف ؛ فضلا عن ديفيليه بعض ماركات الحقائب من عينة جوتشي ولويس فيتون وبرادا وشانيل !! ؛ في أيام مصيفنا لم أرَ أبي قط يتباهي بسيارته ولم أر أصدقاءه من الأثرياء يهادون زوجاتهم بسيارات فئة الrange rover !! 


المصيف أيامي كان للهدوء والاستجمام (ولمة العيلة) والأقارب؛ إكسسوارات مصيفنا علي ما أذكر كانت تتلخص في طاولة وشطرنج وكوتشينة ومونوبلي أو بنك الحظ وكرات الماء والطائرة والطائرات الورق وأدوات الحفر بالرمال، چيلاتي ما قبل الرجوع للبيت مساء الذي كان بمثابة مكافأة نهاية اليوم إلا في يوم السفر؛ ملاهي كوتة أو غيرها وفرحة دخول السيرك وعظمة مشاهدة مسرحية من مسرحيات كورنيش الإسكندرية الذي كنا نسير فيه لنجد بحرا من جهة ومن الجهة الأخرى مسارح مضاءة تعرض أحدث المسرحيات لـ عادل إمام وسمير غانم وفؤاد المهندس ومحمد نجم ومحمد صبحي وشريهان وزيان ووحيد سيف وسعيد صالح ويونس شلبي وسهير البابلي وغيرهم من نجومنا الكبار؛ بينما مصيفكم اعتمد على الحفلات والسهرات والمراقص!! 

لقد اختلف الزمان واختلفت معه طبيعة البشر وبالتالي تغيرت العادات والتقاليد والهوية تحت مظلة مواكبة العصر وركوب الموضة والتريند؛ لم يعد المصيف للاستجمام والراحة وإنما أصبح سوقًا للتباهي والمزايدة لتسيطر الشللية عليه ويعلنون مصيف مصر الحديث الذي له خصوصيته وطقوسه ومن قبلهما شروطه التي تكمن في القدرة المادية علي التصييف بهذه الرقعة!! 

فهل من مُصَّيِف؟

تابع مواقعنا