مهندسة تقاضي جوجل.. فُصلت بسبب دعمها لفلسطين ومعارضتها للتعاون مع إسرائيل
قدمت المهندسة جويل سكاف، الحاصلة علي الدكتوراه من جامعة ستانفورد والتي عملت في قسم جوجل كلاود منذ عام 2009، دعوى قضائية أمام محكمة نيويورك تندد فيها بسياسات التمييز والفصل التعسفي بمبرر مواقفها السياسية من الحرب على غزة.
أزمة جوجل والحرب على غزة
وحسب وكالة بلومبيرج، أكدت سكاف ذات الأصول العربية أنّها تعرضت لعقوبات تأديبية بعد معارضتها لمشروع نيمبوس للغيمة والحوسبة الاصطناعية مع الحكومة الإسرائيلية، وتأييدها للحقوق الفلسطينية، ما أدّى إلى فصلها في أبريل 2024.
وتُشير الوثائق إلى أن رفض المهندسة للمشروع انطلق في 2021، عندما انضمت إلى مجموعة داخلية طالبت بمراجعة مدى امتثال عقد نيمبوس لمدونة المبادئ الأخلاقية لدى جوجل التي تمنع استخدام تقنياتها في الإضرار بالبشر، وأبلغت إدارتها مرارًا بأن الشركة قد تصبح شريكة في جرائم حرب ورواية الإبادة الجماعية، لكن إدارة جوجل لم تفتح تحقيقًا جادًّا في هذه الادعاءات واختارت إسكات صوتها وتهميش دورها.
وبعد هجوم طوفان الأقصي أكتوبر 2023 تصاعدت الضغوط على الموظفة التي عانت من بيئة عمل وصفَتها بالعدائية ضد الموظفين العرب والفلسطينيين، فعندما لاحظت منشورًا داخليًا يحمل شعار تأكيد تفوق إسرائيل، تقدّمت بشكوى اعتبرت أن المضمون يمثل تهديدًا شخصيًا، إلا أن الشكوى رُفضت.
وفي اليوم التالي، نشرت منشورا موازيًا يدعو إلى انتصار فلسطين فأُزيل خلال ساعات وتم منعها من الوصول إلى نظام الشركة بشكل مؤقت، وتلقّت إنذارًا رسميًا اتهمها باستخدام خطاب مُفرّق لم يُسجّل بحق أي موظفة دعمت إسرائيل.
وتؤكد سكاف أنّ هذا النمط من التصعيد يندرج في إطار سياسة انتقائية تهدف إلى تقويض عمل مناصري القضية الفلسطينية، في حين كان مسموحًا للموظفين الذين عبّروا عن دعمهــم لإسرائيل بنشر رموز وشعارات عسكرية وبقاء منشوراتهم دون مساءلة.
حملة تشهير وتسريب معلومات شخصية
وتصاعدت الاعتداءات في مارس 2024 عندما طرحت سكاف في مناسبة يوم المرأة العالمي سؤالًا حول ضرورة إيقاف المشروع حفاظًا على حقوق النساء في غزة، أعقب ذلك حملة تنسيق داخلية تضمنت منشورات عدائية واتّهامات بأن المهندسة تستغل قضايا نسوية للتغطية على خطاب كراهية، فضلًا عن تهم بالشراكة مع تنظيم يعنّف النساء جنسيًا.
وبعد أيام، انتشر اسمها وصورتها وبريدها الإلكتروني عبر مقال نشره موقع دايلي واير الأجنبي، مصحوبًا بأسماء موظفين آخرين احتجّوا على مشروع نيمبوس، فيما تشير سكايف إلى أنّ التسريب جاء من داخل جوجل على يد موظفين مواليين لإسرائيل.
وبسبب هذا التضييق، تلقت سكاف رسائل تهديد وذهب بعضها إلى خارج نطاق جوجل، ما استلزم تعزيز الحماية حول منزلها، وأفادت بأن الضغوط والقلق الناجمين عن المضايقات أديا إلى مشاكل صحية واضطراها لأخذ إجازة مرضية قصيرة، كما تعرّضت لتحذير من مديرها المباشر، ألمح إلى إمكانية تأثير ما كتبته سلبًا على مستقبلها المهني، ولاحقًا أخبرتها إدارة الموارد البشرية بأنّ مواقفها قد تثير انقسامات في بيئة العمل وتعرضها لإجراءات تأديبية.
وفي خضم ذلك خفضت إدارة جوجل تقييم أدائها بشكل مفاجئ، ما حال دون حصولها على ترقية كان يقضي برفع راتبها السنوي بحوالي مئتي ألف دولار، وتلفت سكاف إلى أنها كانت الموظفة العربية الوحيدة في فريقها، وأن الفوارق في الأجور والتطوير الوظيفي لصالح زملاء ذكور باتت واضحة.
نهاية المواجهة بالفصل الجماعي
وبلغ الصدام ذروته في أبريل 2024 عندما شاركت المهندسة في اعتصام صامت داخل مكاتب جوجل بنيويورك بعنوان حركة مناهضة التطبيع التكنولوجي، وبعد ساعات، جُمد حسابها على أنظمة الشركة، ثم أُبلغت بفصلها عبر رسالة إلكترونية في اليوم التالي، وتؤكد أن ما يقارب خمسين موظفًا احتجّ في مكاتب جوجل في سياتل وكاليفورنيا طُردوا في اليوم نفسه بنهاية ما وصفتها بالعقاب الجماعي على المواقف السياسية.
طلبات التعويض والمطالبات القانونية
وتشمل الدعوى 24 بندًا من الادعاءات، أبرزها خرق قانون الحقوق المدنية الفيدرالي (Title VII)، وقانون حقوق الإنسان في نيويورك، وانتهاك قوانين حماية المبلّغين عن المخالفات، وتسعى سكاف للحصول على تعويضات مالية تُحدّد لاحقًا، وعقوبات مدنية، وإعلان ممارسات جوجل غير قانونية.
من جانبها، قالت جوجل بأن الموظفة فُصلت بعد أن تبين أن تصرفاتها أخلّت بأمن وراحة الآخرين في مكان العمل، مؤكدة تمسّكها بقرارها والاستعداد للدفاع عنه أمام القضاء.


