حقنة الجدعنة
لسه أصداء نجاح المصريين في جمع مبلغ الـ 106 ملايين جنيه اللي هو ثمن الحقنة اللي محتاجها الطفل "علي معتز" المصاب بالضمور العضلي الشوكي، مستمرة بعد ما أعلن والده امبارح اكتمال تكاليف علاج ابنه بعد حملة تبرعات شعبية واسعة ومكثفة في آخر 72 ساعة شارك فيها عدد كبير من المصريين!..
القصة النبيلة دي أثبتت إن المصري بشكل عام ما يعرفش مستحيل ولما بيحط حاجة في دماغه بيبقى تنفيذها مجرد وقت مش أكتر!.. نوع خاص من العزيمة موجود في دم كل مصري بيخليه يشوف الصعب سهل لما بيقرر!.. وتقدر تشوف ده بسهولة مش بس من خلال قصة الطفل "علي" ربنا يتمم شفاءه على خير لكن كمان من خلال قصة الأستاذ "إبراهيم سيد عبدالرحمن".. أ.
"إبراهيم" عنده 59 سنة، ومن قرية "معصرة صاوي" محافظة الفيوم.. لما كان طفل صغير كانت ظروف أسرته بسيطة بالتالي ما قدرتش أسرته تخليه يتعلم!.. اشتغل ترزي عشان يساهم في مصاريف البيت.. حب الشغلانة وكبر وبقى شاب واتجوز وبقى عنده بنوتة صغيرة..
في أول العشرينات قرر إنه يبدأ يتعلم ويعمل محو لأميته!.. طب ده أنت ما تعرفش لا تكتب ولا تقرأ أساسًا يا عم "إبراهيم"!.. قال لك مش مشكلة هجرب مش هخسر حاجة!.. سبحان الله اتعلم بسرعة وواحدة واحدة وسنة ورا التانية كان بيعدي في التعليم لدرجة إنه بقى الأول في ابتدائي على المركز اللي ساكن فيه ثم الثاني في إعدادي ثم الثاني على مستوى الجمهورية في الثانوية على مستوى المحافظة والـ 26 على مستوى الجمهورية!..
كل ده وهو لسه مكمل في مهنة الترزي.. يقف؟.. لأ.. دخل كلية الإعلام جامعة القاهرة سنة 2000 واتخرج فيها وأخد بكالوريوس إعلام!.. يسكت؟.. لأ.. يقف مكانه؟.. لأ برضه.. راح جامعة عين شمس كلية الدراسات العليا للطفولة قسم إعلام وثقافة الطفل وأخد الماجستير، وحاليًا أخد الدكتوراه في الإعلام سنة 2019.. ده مين؟.. عم "إبراهيم" اللي كان من كام سنة بس مش بيعرف يقرأ ولا يكتب!.. دلوقتي هو رئيس الوحدة المحلية في زاوية الكرادسة ولسه معتز بمهنة الترزي وبيمارسها لأن بسببها قدر يخرج كل أولاده الـ 6 من الجامعة ويعلمهم ويربيهم تربية تشرف!
اللي بيعوز حاجة بيعملها.. اركن أي ظروف على جنب.. مفيش حاجز اسمه سن، ولا وقت معين، ولا ظروف محددة لتحقيق الأحلام، أو تصحيح وضع غلط، أو تعديل المسار.. دايمًا فيه فرصة لأى حد يعمل أي حاجة في أي وقت المهم إن نيته تكون حلوة.. الفيصل على طول الخط نقطتان: الأولى أنت عايز الحاجة الفلانية بإخلاص وهتعمل عشانها مجهود ولا لأ؟.. والتانية لأي درجة هتدعي ربنا بإلحاح إنها تتحقق بدون ما تيأس وبرضه لأي درجة عندك ثقة فيه إنه هيستجيب؟.. وفي لحظة، من غير ما تحس، تلاقي المشهد اتغير، واللي كان بعيد قرب، واللي كان تقيل خف، وكأن ربنا كان بيحضّرك للوقت الصح.. وقت تحس فيه إنك كنت ماشي لوحدك، لكن الحقيقة إنك كنت طول الطريق متشال، ومسنود من الإيد اللي كانت بتفتحلك الأبواب من غير ما تشوفها، وإن ماكنش مطلوب منك غير بس الثقة واليقين في صاحبها.


