الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

هل الاستعدادات الصحية المصرية مُقدِّمة لهدنة مرتقبة في غزة؟

الثلاثاء 16/سبتمبر/2025 - 09:51 م

لم يكن اجتماع لجنة الدعم الصحي والاجتماعي للجرحى والمرضى من قطاع غزة، برئاسة الدكتور خالد عبدالغفار، نائب رئيس الوزراء ووزير الصحة والسكان، مجرد جلسة إدارية روتينية لتقييم الجهود السابقة، بل بدا وكأنه مقدمة لاستعداد مصري واسع النطاق لحدث ضخم، قد يحمل بين طياته تحولات سياسية وإنسانية فارقة، ربما تصل إلى هدنة أو وقف لإطلاق النار، وعودة فتح معبر رفح من قبل الجانب الفلسطيني بشكل منظم لاستقبال مزيد من المصابين الفلسطينيين.

لم تكن التوجيهات المباشرة للوزير بإعداد خطة مستقبلية شاملة لتعزيز المخزون الاستراتيجي من الأدوية والمستلزمات الطبية، ورفع كفاءة الفرق الطبية، مجرد إجراءات إدارية، وإنما رسالة بأن القاهرة تتحسب لمرحلة جديدة ستشهد تزايد تدفق الجرحى والمرضى من غزة، بما يتطلب جهوزية قصوى من المنظومة الصحية.

الأرقام التي أعلنتها وزارة الصحة تكشف حجم التحدي الملقى على عاتق الدولة المصرية، فمنذ نوفمبر 2023 وحتى الآن، استقبلت المستشفيات المصرية 7277 مريضا فلسطينيا، لا يزال 1057 منهم يتلقون العلاج، برفقة 1657 من ذويهم، كما أجريت 2978 عملية جراحية كبرى، فضلا عن تقديم 18109 جرعات تطعيم، منها 13265 للأطفال، لا تعكس هذه الأرقام حجم المأساة الفلسطينية فقط، بل أيضا حجم الأعباء الصحية والمالية التي تتحملها مصر من دون تردد أو تأخير.

المسألة تتجاوز الجانب الإنساني إلى معادلة اقتصادية وسياسية معقدة؛ فتكاليف العلاج والجراحات والرعاية الممتدة لآلاف المرضى تعني إنفاق الملايين من خزينة الدولة المصرية، في وقت تواجه فيه المنظومة الصحية الوطنية تحديات داخلية في تلبية احتياجات المواطن المصري نفسه، ورغم ذلك، لم تتراجع مصر عن أداء واجبها القومي والإنساني تجاه الأشقاء الفلسطينيين، مؤكدة أن الدعم ليس خيارا بل التزاما تاريخيا وأخلاقيا.

ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه: هل يظل هذا العبء حكرا على مصر وحدها؟ إن المجتمع الدولي، بكل مؤسساته ومنظماته، مطالب بتحمل مسؤوليته، ليس فقط عبر التصريحات الدبلوماسية، بل من خلال تقديم دعم طبي ومالي مباشر، يساهم في ضمان استمرار هذا الجهد الإنساني دون أن يرهق كاهل الدولة المصرية، فالقضية الفلسطينية ليست قضية مصر وحدها، بل قضية العالم بأسره، والإنسانية لا تعرف حدودا أو سيادة حين يتعلق الأمر بإنقاذ الأرواح.

في النهاية، يمكن القول إن الاستعدادات الطبية التي نراها اليوم ليست سوى واجهة لاستعداد سياسي أكبر، قد نشهد نتائجه قريبا على الأرض في صورة هدنة، أو فتح مستمر لمعبر رفح، أو حتى بداية مسار جديد نحو تهدئة طويلة الأمد، مصر ترسل إشاراتها، وعلى العالم أن يقرأها جيدا.

تابع مواقعنا