مسلسل ديجافو يثير الجدل.. هل يمكن نقل الذكريات من إنسان لآخر؟
أثارت حكاية ديجافو من مسلسل ما تراه ليس كما يبدو نقاشًا واسعًا بعد تناوله لفكرة خيالية تقوم على نقل ذكريات كاملة من دماغ شخص متوفى إلى آخر حي وتحويل هويته.
وعلى الرغم من إثارة العمل دراميًا، أكد الدكتور أحمد صلاح الدين كامل أستاذ مساعد جراحة المخ والأعصاب بكلية طب قصر العيني، خلال حديثه لـ القاهرة 24 أن ما عُرض يظل في إطار الخيال العلمي البحت، إذ لا توجد وسيلة طبية أو علمية حتى الآن تسمح بنقل ذكريات إنسان إلى آخر.
كيف يعمل نظام الذاكرة في الدماغ؟
وأوضح أن الهيبوكامبس Hippocampus، وهي منطقة حقيقية في الدماغ، تلعب دورًا محوريًا في تكوين الذكريات الجديدة ونقلها من الذاكرة قصيرة المدى إلى طويلة المدى، لكن الذكريات لا تُخزن في مكان واحد، بل تتوزع على عدة مناطق مثل قشرة الدماغ والفصوص الجبهية والصدغية، وتشبه الذاكرة البشرية شبكة معقدة من الروابط العصبية، حيث تمثل كل تجربة نمطًا متشابكًا من الاتصالات بين ملايين الخلايا العصبية.
هل يمكن زرع أو حذف الذكريات؟
وأضاف أستاذ جراحة المخ والأعصاب أن هناك أبحاث علمية حول استخدام تقنية Optogenetics التحكم في الخلايا العصبية بالضوء، نجحت على الفئران في إضعاف أو تعزيز بعض الذكريات.
وحتى زرع ذكرى خوف لم يعشها الحيوان، لكن هذه التجارب ما زالت محدودة جدًا، ولم تُطبق على البشر، كما أن فكرة نقل الذكريات من شخص متوفى إلى آخر تبقى مستحيلة علميًا، لأن الدماغ يفقد نشاطه بعد الوفاة.
الذكريات الاصطناعية ومخاطر التلاعب
وأشار الدكتور أحمد صلاح الدين إلى أن مصطلح الذكريات الاصطناعية يوضح التجارب المخبرية التي تُزرع فيها انطباعات داخل أدمغة الفئران، لكنها بعيدة تمامًا عن الذكريات الإنسانية المعقدة كذكريات الطفولة أو الحياة الاجتماعية، وأي تدخل في الدماغ يحمل مضاعفات طبية محتملة مثل النزيف، الالتهابات، فقدان الوعي أو تغيّرات في الشخصية، وهي مضاعفات جراحية عامة وليست نتيجة زرع ذكريات كما ظهر في المسلسل.
ذاكرة الأنسجة.. بين العلم والظاهرة الاجتماعية
ومن جهة أخرى، استكمل عن مرضى خضعوا لعمليات زرع قلب، لاحظوا بعدها تغيّرات في الذوق أو السلوك وحتى أحلام غريبة مرتبطة بالمتبرع، حيث أن هذه الظاهرة تُعرف بـ ذاكرة الأنسجة.
وقال: لكن الذكريات تُخزن في الدماغ فقط، بينما القلب يحتوي على شبكة عصبية صغيرة تنظم نبضاته ولا تُنتج ذكريات، وغالبًا ما تُعزى هذه التغييرات إلى عوامل دوائية أو نفسية أو اجتماعية.
واختتم: ما تم عرضه في المسلسل لا يمت للواقع العلمي بصلة، والأبحاث نجحت في التلاعب ببعض الاستجابات العصبية عند الحيوانات، لكن العلم لا يزال بعيدًا عن فكرة نقل الذكريات أو تحويل شخصية كاملة من إنسان إلى آخر.


