سعد الدين الهلالي: النبوءات الدينية لا تعفي الإنسان من مسؤوليته في مواجهة الواقع
قال الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن النبوءات التي وردت في الكتب السماوية أو في الأحاديث النبوية لا يجوز أن تكون مبررًا للجمود أو انتظار الأحداث دون عمل، مؤكدًا أن الإنسان مُطالب بالدفاع عن حقه ومواجهة التحديات بما يملك من قوة وسلطة.
الهلالي: تفسير النبوءات يظل رهينًا بالراوي والمتلقي
وأوضح الهلالي، خلال تصريحات تليفزيونية، أن تفسير النبوءات يظل رهينًا بالراوي والمتلقي، مستشهدًا بمرويات وردت في صحيح مسلم والبخاري حول قتال اليهود، وأحاديث أخرى مثل فتح القسطنطينية أو فتح مصر، مؤكدًا أن هذه المرويات فُسرت عبر التاريخ وفقًا لظروف كل عصر، وأحيانًا جرى استغلالها سياسيًا، مثل تقديم محمد الفاتح بلقب "فاتح القسطنطينية" استنادًا إلى تلك الأحاديث.
وأضاف أن القرآن الكريم تضمن إشارات عن بني إسرائيل ووعد المرتين، لكن التأويلات اختلفت حول توقيت هذه الوقائع، قبل أو بعد بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وأشار إلى أن جوهر الأمر هو أن هذه النبوءات لا تمنع الإنسان من الالتزام بقوانين الفطرة والسنن الكونية التي أودعها الله في خلقه، وفي مقدمتها العمل والسعي للدفاع عن الحقوق.
وأوضح الهلالي أن النبوءة ليست مبررًا للتقاعس أو الاستسلام، قائلًا: "لازم أواجه الواقع بكل ما أملك، وأدافع عن حقي، حتى ولو كانت هناك نبوءات، فالإنسان مسؤول عن عمله وسعيه".
قال الدكتور سعد الدين الهلالي، إن الدولة الإسرائيلية منذ تأسيسها قامت على الدم والعنف، وهو ما يجعلها تتحمل وزر هذا الدم عبر التاريخ.
وأوضح أن بناء الدول وسقوطها يشبه بناء الإنسان وحياته، مشيرًا إلى أن إسرائيل رغم امتلاكها السلاح الأميركي والتقنيات الحديثة، تلجأ إلى استدعاء النبوءات الدينية لتبرير أطماعها، في محاولة لمغازلة الثقافة الشرقية المبرمجة على المعتقدات.
وأضاف الهلالي أن الخطاب الديني المغلوط أسهم في بروز ظاهرة الإسلام السياسي، الذي اختزل الدين في علاقة الإنسان بجاره وزميله وحاكمه، بينما الأصل أن الدين علاقة بين العبد وربه في إطار عبادة خالصة، لا خضوع لسيادة بشرية.
وأشار إلى أن الجذور التاريخية لربط الدين بالسلطة تعود إلى عصور الملوك الذين جمعوا بين السلطتين السياسية والدينية، مثلما فعل فرعون الذي قال لقومه: "ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد". مؤكدًا أن رسالة الأنبياء موسى وعيسى ومحمد جاءت لتحرير الإنسان من عبودية الحاكم، الذي مهمته تنظيم شؤون الحياة لا السيطرة على العقائد.


