نقص الإريثروبويتين يهدد مرضى الغسيل الكلوي بالأنيميا الحادة.. واستشاري: تدني الهيموجلوبين يزيد دخولهم للمستشفيات
لم تعد جلسات الغسيل الكلوي وحدها كافية لإنقاذ حياة مرضى الفشل الكلوي في مصر، إذ يحتاج المرضى إلى دعم دوائي أساسي يقيهم من الأنيميا الناتجة عن تراجع وظائف الكلى، ومن بين أبرز هذه الأدوية، حقن الإريثروبويتين، التي تمثل بديلًا لهرمون طبيعي تفرزه الكلى بنسبة 90%، ويعمل على تحفيز نخاع العظام لإنتاج كرات الدم الحمراء، ما يحافظ على مستويات الهيموجلوبين ويقي المرضى من الأنيميا ومضاعفاتها الخطيرة.
لكن نقص هذا الدواء منذ أشهر بالتأمين الصحي ونفقة الدولة والصيدليات الخاصة وضع آلاف المرضى أمام خطر مباشر، اضطر بعضهم لشراء الحقن بأسعار مرتفعة في السوق غير الرسمي، بينما لجأت حالات أخرى إلى بدائل غير آمنة مثل فيتامينات "بي" وعصير البنجر، لتفادي نقل الدم وما يحمله من مخاطر صحية.
نقص حقن الإريثروبويتين بالصيدليات الخاصة تسبب برفع سعره
من بين هؤلاء المرضى، أميرة عبد الراضي، التي تخضع لجلسات الغسيل منذ عام 2001، حيث تفقد مع كل جلسة غسيل دم وتحتاج إلى الحقن لتعويض الهيموجلوبين، لكن مع نقص حقن الإريثروبويتين خلال الشهور الأربع الماضية، في مستشفى أوسيم، دفعها إلى فقدان قرار نفقة دولة لمدة 6 أشهر، حسبما أوضحت لـ القاهرة 24.
وأضافت أنها كلما سألت عن الحقن قوبلت بإجابات متكررة بضرورة الانتظار للأسبوع التالي، وفي النهاية طُلب منها تجديد قرار العلاج من جديد، مؤكدة أنها تشعر وكأنها السبب في غياب الدواء.
وتابعت أن غياب الحقن يهدد حياتها، لا سيما بعدما اضطرت في سنوات سابقة إلى نقل دم ملوث أدى إلى إصابتها بفيروس "بي"، مشيرة إلى أن الدواء لم يعد متاحًا بالصيدليات بشكل طبيعي، وأن سعره ارتفع في السوق غير الرسمي من 150 إلى نحو 220 جنيهًا، مع تداوله عبر قنوات محدودة.

اللجوء لبدائل غير آمنة لتفادي نقل الدم
المعاناة نفسها تعيشها نهال مالك، مريضة فشل كلوي، حيث أوضحت أنها كانت تحصل على ما بين 8 إلى 16 حقنة كل شهرين من فرع التأمين الصحي بمستشفى المقطم، إلا أن الأزمة الأخيرة جعلتها لا تتلقى سوى حقنتين أو أربع حقن فقط.
وأضافت لـ القاهرة 24 أن اختفاء الدواء من الصيدليات دفعها إلى اللجوء لبدائل بسيطة مثل فيتامينات "بي" وعصير البنجر رغم خطورتها على مرضى الكلى، مشيرة إلى أنها لجأت لذلك فقط لتفادي انخفاض الهيموجلوبين إلى مستويات خطيرة قد تستدعي نقل الدم.
غياب حقن الإريثروبويتين يزيد العبء المالي على الأسر محدودة الدخل
أما حنان أبو المجد، فترتبط أزمتها بقرارات العلاج على نفقة الدولة، حيث أوضحت أنها تعيش على الإيجار الجديد وزوجها يعمل سائقًا بالأجرة، وهو ما يجعلها غير قادرة على توفير باقي الجرعات، خاصة مع تكاليف أدوية الضغط والغدة والحديد والعمليات الجراحية التي خضعت لها، مضيفةً أن غياب الدواء أجبرها على شراء جرعاتها على نفقتها الخاصة رغم ضيق حالتها المادية، ما زاد من معاناتها اليومية.
وفي السياق ذاته، كشف الدكتور أحمد الشيخ، استشاري أمراض الكلى، عن أزمة حادة يواجهها مرضى الفشل الكلوي والقصور الكلوي في مصر، نتيجة نقص حقن "الإريثروبويتين" التي تعد أساسية لعلاج الأنيميا المصاحبة لهذه الحالات.
وأوضح الدكتور أحمد الشيخ، لـ القاهرة 24 أن العقار مفقود منذ نحو شهرين إلى ثلاثة أشهر، حيث يمثل بديلًا لهرمون طبيعي تفرزه الكلى بنسبة 90%، وهو المسؤول عن تحفيز نخاع العظام لإنتاج كرات الدم الحمراء، ما يقي المرضى من الإصابة بالأنيميا.

نقص الإريثروبويتين يفاقم دخول مرضى الغسيل الكلوي للمستشفيات ويهدد حياة آلاف المرضى
وأضاف أن غياب الدواء أدى إلى تزايد دخول مرضى الغسيل الكلوي إلى المستشفيات بمستويات هيموجلوبين متدنية تصل أحيانًا إلى 5، الأمر الذي يسبب تكدسًا في أقسام الطوارئ ويمثل عبئًا إضافيًا على المنظومة الصحية.
وأشار استشاري أمراض الكلى إلى أن عدد مرضى الغسيل الكلوي في مصر يتراوح ما بين 50 و60 ألف مريض، فضلًا عن مئات الآلاف من مرضى القصور الكلوي المزمن الذين يعتمدون أيضًا على العقار لتفادي الأنيميا، مشيرًا إلى أن المرضى المصابين بالأورام ممن يخضعون للعلاج الكيماوي يحتاجون كذلك إلى الدواء لتعويض ضعف إنتاج كرات الدم الحمراء.
وبيّن الشيخ أن العقار، حال توافره، يباع محليًا بسعر يقارب 200 جنيه للجرعة المصرية، بينما تصل تكلفة المستورد إلى نحو 350 جنيهًا، في حين يحتاج المريض من حقنتين إلى ثلاث حقن أسبوعيًا، ما يثقل كاهل الأسر ماليًا، خصوصًا مع اختفائه من التأمين الصحي والقطاع الحكومي وحتى من معظم الصيدليات الخاصة.
وطالب الدكتور أحمد الشيخ بضرورة التحرك العاجل من جانب وزارة الصحة والشركات المنتجة والمستوردة لضمان عودة العقار إلى الأسواق، مؤكدًا أن استمرار الأزمة يهدد حياة آلاف المرضى ويضاعف معاناتهم اليومية مع الغسيل الكلوي والأنيميا.







