بعد أن اشتعل الرأس شيبًا.. مرمم مصري يعيش لحظة عمره داخل مقبرة أمنحتب الثالث بالأقصر
استدعى الدكتور شريف فتحي، وزير السياحة والآثار، في مشهد مؤثر يعكس عمق الانتماء للمهنة وشغف الحفاظ على التراث، المرمم المصري محمد محمود إلى منصة الاحتفال الرسمي بإعادة افتتاح مقبرة الملك أمنحتب الثالث، أحد أعظم ملوك الدولة الحديثة، بمدينة الأقصر، وسط حضور محلي ودولي واسع.
بعد أكثر من 20 عامًا من العمل.. لحظة إنسانية تختزل تاريخًا من الإخلاص والترميم
وبملامح يغلب عليها الفرح والفخر، قال المرمم المصري أمام الحضور:“كنت أعمل هنا منذ أن كان شعري أسود.. واليوم أعود لأشهد الحلم وقد تحقق وشعري أصبح أبيض، لكنها لحظة لا تُقدَّر بثمن.”

ورغم بلوغه سن التقاعد، أصرّ محمد محمود على الحضور ليشهد تتويج أكثر من عشرين عامًا من العمل الدؤوب داخل هذه التحفة الأثرية، معتبرًا أن اليوم هو أعظم تكريم لمسيرته المهنية.
مقبرة تعود للحياة بعد عقدين من الترميم
أوضح الدكتور محمد إسماعيل خالد من جانبه، أن مقبرة الملك أمنحتب الثالث تُعد واحدة من أهم وأبرز مقابر وادي الملوك، مشيرًا إلى أن افتتاحها رسميًا بعد استكمال مشروع الترميم يمثل إضافة نوعية للمقصد السياحي المصري، خاصة في مجال السياحة الثقافية التي تتفرد بها الأقصر عالميًا.
وثمّن خالد جهود المرممين المصريين في إنجاز المشروع، مؤكدًا أن ما تحقق هو نموذج فريد للتعاون العلمي والإنساني بين الأجيال والشركاء الدوليين.

شراكة علمية وإنسانية برعاية اليونسكو
تم تنفيذ مشروع حفظ وترميم اللوحات الجدارية لمقبرة الملك أمنحتب الثالث على مدار أكثر من عقدين من الزمن، بالتعاون بين المجلس الأعلى للآثار وجامعتي واسيدا وهيجاڤي نيبون اليابانيتين، تحت رعاية منظمة اليونسكو – الصندوق الاستئماني الياباني.
وأعرب وزير السياحة والآثار عن خالص الشكر والتقدير لكل المرممين والخبراء المصريين واليابانيين الذين شاركوا في المشروع، مؤكدًا أن ما قدموه من جهد متواصل يمثل إنجازًا استثنائيًا يعيد للمقبرة رونقها ويحفظها للأجيال القادمة.

رسالة من الأقصر إلى العالم
اختزل مشهد المرمم المصري محمد محمود وهو يقف شامخًا في قلب المقبرة، لحظة تاريخية وإنسانية نادرة، جمعت بين العلم والعاطفة، والماضي والحاضر.
فبين جدران مقبرة الملك العظيم، عاد التاريخ لينطق من جديد، مُعلنًا أن الوفاء للمهنة وللتراث لا يشيخ، بل يزداد بريقًا كلما مرّ الزمن.


