رياضيون في وجه الحرب.. مواقف إنسانية تهز العالم دعمًا لغزة
منذ السابع من أكتوبر، ومع اشتداد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لم يقف نجوم الرياضة حول العالم صامتين أمام ما يشهده المدنيون من دمار ومعاناة، بل عبّر كثير منهم عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني ودعوا إلى وقف الحرب.
واختار العديد من الرياضيين أن يرفعوا أصواتهم دفاعًا عن الإنسانية والعدالة، دون أي حسابات أخرى من الممكن أن تؤثر على مستقبلهم الرياضي في زمنٍ تتداخل فيه السياسة بالرياضة.
محمد صلاح وجوارديولا يقودان الموقف الإنساني
كان النجم المصري محمد صلاح لاعب فريق ليفربول من أوائل من تحدثوا بوضوح عن مأساة غزة، حيث نشر مقطع فيديو مؤثرًا دعا فيه المجتمع الدولي إلى وقف القتل العنيف ضد المدنيين، مؤكدًا أن أرواح الأبرياء يجب أن تكون أهم من أي صراع سياسي.
ولاقى المقطع تفاعلًا عالميًا غير مسبوق، واعتبرته الصحف البريطانية رسالة ضمير من لاعب يستخدم مكانته العالمية ليلفت الأنظار إلى معاناة الفلسطينيين، كما لم يقتصر دعم صلاح على هذا المقطع فقط، بل أثار جدلًا واسعًا بعد تعليقه على استشهاد اللاعب الفلسطيني الموهوب سليمان العبيد، عقب نعي الاتحاد الأوروبي لكرة القدم للاعب، حيث قال صلاح تعليقًا على هذا النعي: هل يمكنكم أن تفسروا لنا كيف مات وأين ولماذا؟


أما الإسباني بيب جوارديولا، المدير الفني لمانشستر سيتي، فقد عبّر عن رأيه بشكل صريح خلال مؤتمراته الصحفية، مؤكدًا أن ما يجري في غزة مأساة إنسانية لا يمكن تبريرها تحت وسيلة.
وأشار إلى أن كرة القدم لا يمكن أن تكون منفصلة عن الواقع، وأن على الجميع استخدام منابرهم للحديث عن الظلم حين يقع، حيث يعد موقف المدرب الإسباني ليس جديدًا من نوعه، فهو لطالما عبّر عن مواقفه الإنسانية في قضايا متعددة، ليُلقب في الصحافة الإسبانية بـ صوت الضمير الكروي.
جوارديولا يناشد بالاحتجاج دفاعًا عن غزة
وواصل الإسباني تسليط الضوء في العديد من المؤتمرات والمحافل الخاصة به، حيث تحدث عن الأمر مجددًا أثناء مناقشته إحدى رسالاته العلمية في جامعة مانشستر في لندن، كما ظهر في مقطع فيديو جديد مسجل منذ أيام وهو يطالب الجميع بالاحتجاج بسبب الحرب على غزة، حيث قال: نشهد إبادة جماعية بطريقة مباشرة، حيث مات آلاف الأطفال وقد يموت آخرون، قطاع غزة مدمر، وحشود من الناس يسيرون بلا طرق، بلا طعام، بلا مياه، بلا شرب وأدوية، فيما أن المجتمع المدني وحده هو القادر على إنقاذ الأرواح والضغط على الحكومات من أجل التحرك بشكل فوري وعاجل.
وأتم حديثه قائلًا: في الثانية عشر ظهرًا من الرابع من أكتوبر في برشلونة وتحديدًا في جاردينيتس دي جراسيا، نرغب في ملء الشوارع للمطالبة بإنهاء الإبادة الجماعية التي تحدث في غزة.


تضامن عالمي من بوجبا وبنزيما وبيكهام
ويعد الفرنسي بول بوجبا وهو أحد أبرز نجوم مانشستر يونايتد السابقين، من أكثر اللاعبين دعمًا لغزة، حيث اختار طريقته الخاصة في التعبير عن التضامن، إذ نشر عبر حسابه على إنستجرام صورًا للمسجد الأقصى في وقت سابق وكتب: صلوا من أجل فلسطين، كما دعا متابعيه إلى الدعاء لأهل غزة.
ولم تكن تلك المرة الأولى التي يعلن فيها بوجبا موقفه، فقد سبق له أن رفع علم فلسطين داخل الملعب بعد مباراة بالدوري الإنجليزي عام 2021، ليؤكد أن القضية بالنسبة له ليست حدثًا مؤقتًا، بل مبدأ ثابت يعبر عنه كلما اشتعلت الحرب من جديد.

وفي فرنسا أيضًا، كان كريم بنزيما من أوائل الذين عبّروا عن تضامنهم، إذ كتب عبر منصة إكس: كل دعواتي لأرواح الأبرياء في فلسطين، السلام يجب أن يعود إلى هذه الأرض.
ورغم الهجوم الذي تعرّض له في بلاده بعد تصريحه، فإنه لم يتراجع، بل أكد تمسكه بموقفه الإنساني، معتبرًا أن الدفاع عن المظلوم لا يجب أن يُفسّر سياسيًا.

وظهر أيضًا النجم الجزائري رياض محرز، قائد منتخب الجزائر السابق في الصورة، حيث لم يتردد هو الآخر في التعبير عن دعمه للقضية الفلسطينية، بعدما نشر صورًا من غزة وكتب: فلسطين في القلب دائمًا، كما رفع علم فلسطين عقب إحدى مباريات مانشستر سيتي، في لفتة لاقت صدى واسعًا لدى الجماهير العربية والعالمية.

أما النجم الإنجليزي ديفيد بيكهام، أحد أكثر الشخصيات تأثيرًا في عالم الرياضة، فقد نشر منشورًا دعا فيه إلى وقف العنف وحماية الأطفال في غزة، مؤكدًا أن الأرواح البريئة لا يجب أن تكون وقودًا للحروب.
وعلى الرغم من حرصه على اختيار كلمات دبلوماسية، فإن رسالته حملت معاني واضحة، واعتُبرت من المواقف القليلة التي تصدر عن نجم بريطاني بهذا المستوى تجاه ما يحدث في فلسطين، وهو ما لاقى إشادة من منظمات إنسانية اعتبرت أن صوته قد يساهم في زيادة الوعي الغربي بمعاناة سكان القطاع.

تحركات رسمية من اللاعبين لإنقاذ غزة
ولم يقتصر دعم هؤلاء اللاعبين على المنشورات والعبارات فقط، بل تحولت إلى تحركات رسمية تضغط على المؤسسات الرياضية الكبرى. فقد كشفت تقارير سابقة أن النجم الفرنسي بول بوجبا، إلى جانب 47 رياضيًا من مختلف الجنسيات، وقعوا على عريضة جماعية تطالب الاتحاد الأوروبي لكرة القدم باستبعاد إسرائيل من جميع المسابقات الرياضية التي تقع تحت مظلته.
وأوضحت التقارير أن من بين الموقعين على العريضة أيضًا كلًا من المغربي حكيم زياش، والإنجليزي مؤين علي لاعب الكريكيت المعروف، إضافة إلى شيك دوكوري وسام مرسي، حيث أكد الرياضيون في بيانهم أن استمرار مشاركة إسرائيل في البطولات الأوروبية يتناقض مع القيم الرياضية والإنسانية، داعين إلى إيقافها فورًا حتى تلتزم بالقانون الدولي وتوقف ما وصفوه بمجازر المدنيين في غزة.
ونظمت أندية عربية حملات تبرع لصالح المصابين والأسر المتضررة، بل ظهر العديد من جماهير الأندية التي طالما تدعم غزة في مدرجات مباريات أنديتها، بما فيها جماهير باريس سان جيرمان الفرنسي وأتلتيك بلباو الإسباني.
وبينما يصمت كثيرون خوفًا من الخلافات السياسية، اختار الرياضيون أن يقفوا في صف الضمير، فقد عبّر الجميع بلغات مختلفة عن موقف واحد وهو أنهم ضد الحرب وضد قتل الأبرياء، في زمن تلاشت فيه العديد من الأصوات.







