الأحد القادم في شرم الشيخ.. مصر والعالم وأشياء أخرى
منذ أن وصل ترامب إلى كرسي البيت الأبيض لم يتورع عن التخطيط لاستضافة المعارضين لسياساته حول العالم، أو من يستهدفهم لوضع يده على ثروات بلادهم -رئيس جنوب إفريقيا مثال للأول وزيلنسكي كان في الأخير- وقصد من ذلك أهدافا محددة منها إحراجهم وتفتيت شعبيتهم بعد إظهارهم بموطن ضعف، أو إظهار سيطرته على صنع القرار وحده، وغيرها من الصفات التي تنافي الدبلوماسية أو الحصافة في اتساق تام مع مبدأ نفعي متجرد، كعقلية أي تاجر عديم المبدأ لا يعنيه شيء سوى تحقيق أعلى ربح، وحبذا لو كان من رأس مال الغير.
وبينما هرول كثيرون للتبرك وتقديم فروض الولاء لضريح "الولي دونالد" في البيت الأبيض، ظلت مصر منتبهة على قضيتها أو قل قضاياها من عمق أمن قومي بالسودان وليبيا والبحر الأحمر أو لملف حماية سفاراتها أو أمنها المائي ناهيك بموقفها من القضية الفلسطينية وثوابتها والنجاح دون مبالغة في إحباط سيناريو التهجير البائس ومساعي كانت جلية لا تحتاج إلى إعادة سردها.
الشريك الأمريكي مهم في ملعب السياسة العالمي والإقليمي لأي دولة ولا يمكن إنكار ذلك، ولكن مصر ممثلة في رئيسها وخارجيتها يعون جيدا أن هناك ثوابت لا تقبل المقايضة، وأن هناك بونا شاسعا بين توظيف دور أمريكي للضغط على أديس أبابا وبين قبول فرض الأمر الواقع في حدودك الشرقية، كما جاء الرد المصري متعقلا ناقلا للصورة كاملة لمن يملكون مفاتيح الضغط سواء في الجانب الأوروبي أو في أقصى الشرق وصولا إلى الصين.
سعى ترامب خلال الشهر الأخير لتأكيد أنه وحده تمكن من إنهاء 7 حروب، وإن كان هناك مستحق لنوبل فهو بالتأكيد الأجدر بالحصول عليها، وخرج بخطة سلام أصابها العوار في مقتل، استقبلت القاهرة الفكرة في سياقها الطبيعي كوسيط فاعل وأهم المعنيين بإرساء سلام عادل، بدأت ببعث رسائل إيجابية بخطوات ملموسة لإعادة إعمار القطاع بتصريحات مشتركة مع الرئيس الفرنسي، لم يفتها كذلك تصدير "العين الحمرا" للحالمين والطامعين بنقل وصول الوفود وسط تأمين ملحوظ، ثم جرى في الكواليس مع عجل بوصول كوتشنر وويتكوف ووزير خارجية قطر ووزير معني بالتفاوض من جانب إسرائيل وصولا إلى ترجيح البيت الأبيض وجود ترامب الأحد بشرم الشيخ لتوقيع اتفاق.
يبقى المأمول والمتوقع من مصر طرح صيغة نهائية بتوافق الأطراف تضمن فرض وقف إطلاق النار ووجود ضمانات للانسحاب من القطاع بعد تبادل الأسرى وتمكين وجود لاعب ممثل للفلسطينيين منهم بمشاركة لجنة دولية بالقطاع، وكذلك البدء في دخول تحالفات لإعادة إعمار أهله وتضميد ما تعرضوا له من نكبات.


