ما تقول "لأ" عادي
فيه لحظة كده بتيجي في حياة أي حد فينا، بيبص فيها لنفسه ويسأل: "أنا ليه دايمًا بوافق؟ ليه عمري ما بعرف أقول لأ؟". يمكن علشان اتربينا على إن اللي يقول حاضر دايما محبوب، واللي بيقول لأ أناني أو قاسي، يمكن علشان اتعودنا نربط رضا الناس بينا بقيمتنا، فبقينا نقيس نفسنا بعدد اللي مبسوطين مننا، مش بسلامنا الداخلي، بس الحقيقة يا صديقي إنك مهما حاولت ترضي الكل، عمرك ما هتعرف ترضي نفسك لو محطّيتش حدودك.
اللي بيخاف يقول لأ، بيعيش طول عمره في صراع، كل مرة بتقول فيها "ماشي" وأنت مش قادر، بتخسر حتة من روحك، وكل مرة بتكتم غضبك علشان ما تزعلش حد، بيزيد التعب جواك وأنت ساكت، لحد ما في يوم تلاقي نفسك مش طايق الناس، ولا نفسك، ومش فاهم ليه، السبب بسيط جدًا: لأنك سايب الكل يدخل جواك من غير استئذان.
الراحة النفسية مش رفاهية، دي ضرورة، وسر الراحة دايمًا في الحدود، الحدود اللي بتقول فيها لنفسك "أنا مش لازم أعمل كل حاجة"، واللي بتقول بيها لغيرك "أنا بحبك، بس مش على حساب نفسي"، يمكن الناس تزعل لما تبدأ تقول لأ، بس صدقني، دول نفس الناس اللي كانوا بيستغلوا سكوتك وطيبك ورضاك المستمر، هيتهموك إنك اتغيّرت، وإنك بعدت، وإنك بقيت قاسي، بس الحقيقة إنك أخيرًا بدأت تبقى حقيقي.
في البداية، الكلمة هتبقى تقيلة "لأ" مش سهلة على اللي متعود يرضي الكل، هتحس بالذنب، وهتراجع نفسك بعد كل مرة تقولها، بس مع الوقت، هتفهم إنك مش محتاج تبرر، وإنك مش غلطان، "لأ" مش علامة جفاء، دي علامة نضج، لأنك لما تقولها، بتختار نفسك، بتختار وقتك، وصحتك، وطاقة قلبك اللي كانت بتخلص بسرعة من كتر العطاء.
الناس اللي بتحبك بجد مش هتزعل لما تقول لأ، بالعكس، هتقدّر إنك بتحاول تكون متوازن، وإنك بقيت صادق مع نفسك، اللي هيمشي علشان أنت قلت لأ، مكانش يستحق وجودك من الأساس، واللي هيكمّل، هو اللي شايف قيمتك حتى وأنت حاطط حدودك.
اتعلم تقول لأ من غير خوف، ومن غير شعور بالذنب، قولها وأنت مبتسم، وأنت فاهم إنك بتحافظ على نفسك مش بتخسرها، قولها وأنت عارف إن اللي بيحترمك مش هيغضب منك، وإن اللي بيزعل منك علشان قلت لأ، هو اللي عمره ما شافك كإنسان.
إحنا مش مطالبين نكون متاحين طول الوقت، ولا مطلوب مننا نرضي الناس كلها، إحنا محتاجين نكون صادقين مع نفسنا بس، ومينفعش تكون صادق وأنت دايمًا بتتجاهل احتياجاتك علشان غيرك، الحياة مش اختبار صبر، ومفيش جايزة في الآخر للي بيتعب أكتر، الجايزة الحقيقة إنك توصل لنقطة سلام مع نفسك، تعرف فيها تقول "آه" لما تكون عايز، وتقول "لأ" لما تكون مش قادر، من غير خوف ولا تردد.
في الآخر، خليك فاكر اللي بيحبك بجد هيقدّر حدودك، ومش هيزعل منها، بس الأهم، إنك إنت تكون أول واحد يحترمها، لأن لما تتعلم تقول لأ، ساعتها بس هتعرف تقول "آه" لنفسك وأنت مرتاح.
