ملحقش يشوف ابنه.. أول تعليق لأسرة شاب من قنا مات خلال محاولة إنقاذ زملائه بالعريش: سافر يسدد ديونه فعاد في نعش
لم يكن عبدالكريم حراجي، صاحب الـ37 عاما، ابن قرية الشاورية بمركز نجع حمادي، بمحافظة قنا، يحلم بالكثير، فقط أن يعيش بكرامة، ويطعم أولاده بالحلال، ويسدد ديونه التي أثقلت كاهله وتوفير مصروفات ولادة زوجته المقرر لها الأيام المقبلة، فقرر السفر للعريش بحثا عن العمل، إيمانا منه أن الرجولة معناها إنك تتحمل وتضحي من أجل أسرتك.
وفاة شاب من قنا خلال محاولة إنقاذ زملائه
تجلس زوجته في بيت بسيط يملؤه الحزن، تروي قصته بصوت مرتجف ودموع لا تتوقف: إحنا متجوزين بقالنا 12 سنة، عمره ما زعلني، مشيرة إلى أنها طلبت منه السفر للعريش بسبب تراكم الديون عليهم، وتسديد أقساط قرض تأخر في دفعها، بالإضافة إلى توفير مصاريف ولادتها المقرر لها خلال أيام.
وتكمل الزوجة المكلومة وهي تمسح دموعها: مكنش عايز يسافر، كان بيحب بيته وولاده، بس اضطر عشان الظروف، مضيفة: قبل ما يسافر وصّى ولادنا عليا، وقالهم خدوا بالكم من أمكم، يمكن أموت وضحكنا وهزرنا ساعتها، بس كأن قلبه كان حاسس.
آخر مكالمة بينا كانت ليلة وفاته، تقولها الزوجة قبل أن تسكت قليلا ثم تتابع بصوت مبحوح: كلمني يطمن عليّ وعلى الولاد، وقالي هيبعتلي فلوس تاني يوم عشان أعمل تحاليل الولادة، مردفة: بدل ما يجي يسدد ديونه ويفرح بابنه، رجعلي في صندوق.
وتختتم حديثها بألم: سبلي حمل تقيل وديون كتير، نفسي أسدد اللي علينا وأعيش ولادي بكرامة، مشيرة إلى أن لديها صغيرين، أكبرهما في الصف الرابع الابتدائي، وبعد أيام ستضع مولودها الثالث.
عبدالرحيم حسين أبوالفضل، أحد أصدقاء عبدالكريم يروي كواليس وفاة صديقه قائلا: عبدالكريم كان دايمًا بيقول الحمد لله رغم الديون، عمره ما اشتكى، وكان بيحلم يعيش بالحلال ويأكل ولاده من شغله، مشيرا إلى أنه طلب منه مساعدته في توفير عمل في العريش، لتسديد ما عليه من ديون وتوفير مصروفات ولادة زوجته.
ويتابع أبوالفضل، وهو يغالب تأثره: في أول أسبوع شغل ليه هناك، حصلت الكارثة، 3 من العمال وقعوا في بئر صرف صحي، والناس كانت بتصرخ ومش عارفة تعمل إيه، ومن غير ما يفكر، جري عبدالكريم ونزل عشان ينقذهم، رغم إنه مكنش يعرفهم، لكنه غامر بحياته وضحى بنفسه واختنق ومات.
