الجمعة 05 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

مش لعبة.. دي مصيدة !

أحمد طاهر ياسين
مقالات
أحمد طاهر ياسين
الأربعاء 12/نوفمبر/2025 - 10:08 م

في لحظة معينة، كل بيت مصري لازم يقف قدام المراية ويسأل نفسه، “ابني بيلعب؟… ولا بيتسحب؟”، “بنتي بتضحك؟… ولا بتغرق في وهم اسمه كسب سريع؟”، اللي بيحصل مش ترفيه، دي حرب ناعمة وخبيثة على عقول أولادنا وبناتنا، بتنهشهم من جواهم، وبتسحب أرواحهم بالبطيء، لحد ما بيوصلوا لحافة الضياع… من غير ما حد فينا ياخد باله.

"إدمان على شكل لعبة”

ألعاب إلكترونية في ظاهرها، لكن جواها مصيدة قاتلة، بدايتها “هدايا وهمية”، ونهايتها خسارة، ديون، دموع، انهيار، حبس، وندم، شركات قمار رقمية بتزرع في ولادنا فكرة واحدة:“اكسب بسرعة… حتى لو خسرت نفسك بالكامل، والنتيجة ناس انتحرت، ناس سرقت،  ناس قتلت،  ناس دخلت السجن بسبب “لعبة”، وبيوت كاملة اتفككت علشان “جيم” بـ50 جنيها". 

“وهم الثراء السريع”… سرطان العصر

باعوا لولادنا حلم كداب: إنك ممكن تغتني من كبسة زر، لكن محدش قالهم إن الكبسة دي ممكن تكون زر تدمير النفس والعيلة والمستقبل، اللي بيكسب جنيه بيخسر عمر،  اللي بيجرب مرة، بيقع ألف مرة، واللي بيغرق مبيعرفش يطلع، والنتيجة  عقول اتسرقت،  قلوب أمهات انكسرت،  شباب ضاع،  بنات بتنهار،  وبيوت بتتهد… كل يوم.

 

مش بس المراهنات هي الخطر، فيه نوع تاني من الألعاب بيدخل بيوتنا، وبيعمل لـ أولادنا غسيل دماغ ممنهج ومقنّن ومش محسوس،  ألعاب بتزرع العنف جوه الطفل وهو لسه عنده 8 سنين،  بتخلي البلطجة شكلها “جدعنة”،  والقتل والسرقة “مهمات”،  وكسر القانون “إثارة”،  والتحرش والتنمر “لعب عيال”، وفيه ألعاب تانية أخطر، بتقدم الانحراف السلوكي كأنه “حرية”، وتخلي المشاهد الخارجة “عادية”، والكلمة القبيحة “عفوية”، والخروج عن القيم “تطور” و”تحرر”، والنتيجة تشويه وعي، ومسخ هوية، وضياع قيم، جيل بيتربى على الدم بدل الرحمة، وعلى الفوضى بدل الاحترام، وعلى اللا مبالاة بدل الضمير، ده مش مجرد تدمير أخلاقي،  ده اغتيال بارد لهوية أمة، ومسح تدريجي لهويتها الأصيلة، وجيل بيتبرمج على مفاهيم مسمومة، لو ما وقفناهاش النهاردة، بكرة مش هنعرف نصلحه تاني.

 أخطر من المخدرات… وأهدى من الرصاص

المخدرات ليها ريحة،  لكن إدمان المراهنات والعنف الرقمي مالهوش صوت، ضحكة بتغطي على وجع، وإيد بتضغط “تشحن” وهي بتنزف من جوه، وعقل بيفكر في “اللفة الجاية” أكتر من مستقبله، ده مش تسالي، ده احتلال فكري ونفسي لعقل إنسان كامل، من غير طلقة… من غير دم،  لكن النتيجة؟ نفس الخراب ونفس النهاية.

 إحنا قدام خطر قومي صامت،  أماكن بتشحن ألعاب مراهنات علنًا،  بلوجرز بيعلنوا عنها كأنها إعلان عادي،  وأطفالنا بيتسحبوا وراهم، والكارثة؟ بقت “تريند” بدل ما تبقى جريمة، دي مش تجارة، دي شبكة منظمة بتموّل تدمير جيل، وبتقوض الأمن القومي من جوه البيوت.

 الحل مش في المنع بس… الحل في المواجهة الواعية، أولا: في البيت،  اسأل ابنك عن اللعبة… مش عن النتيجة،  افهم قبل ما تغضب،  راقبه من غير ما تخنقه،  اسمعه قبل ما غيرك يسمعه،  صاحبه، قرب منه، وعيش معاه حياته، ثانيًا: في الدولة، حظر شامل وفوري لكل تطبيقات المراهنات الإلكترونية، محاسبة قانونية لأي مؤثر أو بلوجر بيروّج للمصيدة دي أو لأي لعبة تحرض على العنف أو الانحراف السلوكي.. غلق كل المنافذ اللي بتقدم خدمات شحن أو تمويل لهذه الألعاب، رقابة مشددة على المحتوى التفاعلي اللي بيستهدف الأطفال والمراهقين. 

ثالثًا في المجتمع والإعلام، احكوا اللي شفتوه،  قولوا الحقيقة بأعلى صوت، انشروا الوعي،  استضيفوا حالات حقيقية تعافت تحكي تجربتها،  اعملوا حملات في المدارس، الشوارع، النوادي، الكنائس، المساجد.. أوقفوهم بكلمة، بصورة، بوست… المهم متسكتوش.

 الرسالة الأخيرة، مش كل اللي بيضحك على الشاشة سعيد، ومش كل اللي بيكسب فيها منتصر، فيه جيل بيتحرق كل يوم على نار باردة، وإحنا ساكتين… متفرجين، النهاردة مش بكرة، النهاردة لازم نصحى، النهاردة لازم نحمي أولادنا… قبل ما نخسرهم للأبد، والشعار الرسمي للحملة:“مش لعبة… دي مصيدة”، أنقذ ابنك أو بنتك… قبل ما اللعبة تخلص علينا كلنا.

تابع مواقعنا