خبير: استخدام الذكاء الصناعي داخل الشبكات الكهربائية ضرورة لضمان استقرار الإمدادات
أكد الدكتور أحمد الشناوي، خبير الطاقة الكهربائية، أن التحول نحو استخدام الذكاء الصناعي داخل الشبكات الكهربائية لم يعد خيارًا تقنيًا أو رفاهية، وإنما ضرورة فرضتها التحديات المتسارعة التي تواجه منظومات إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء في مختلف دول العالم.
خبير طاقة: الشبكات الذكية والذكاء الصناعي ضرورة لمواجهة الطلب المتزايد وحماية الشبكات الكهربائية
وأضاف الشناوي خلال تصريحات لـ القاهرة 24، أن مكونات الشبكة الكهربائية تتوزع على ثلاث طبقات رئيسية؛ محطات الإنتاج، وشبكات النقل، وأنظمة التوزيع وصولًا إلى المستهلك النهائي.
وأوضح الشناوي أن محطات إنتاج الكهرباء تشمل مجموعة واسعة من المصادر، منها المحطات الغازية والبخارية والدورة المركبة، إضافة إلى محطات الطاقة الشمسية والرياح والمياه، وأخيرًا الطاقة النووية، وقد لا تتضمن كل شبكة جميع هذه الأنواع، إلا أن وجود مزيج منها يضمن استقرار الإمدادات وتوازن الإنتاج مع الاستهلاك.
ونظرًا لوجود معظم المحطات بعيدًا عن المدن، تُنقل الطاقة المنتجة عبر جهود كهربائية مرتفعة تقلل الفقد وترفع كفاءة النقل، وذلك باستخدام خطوط هوائية أو كابلات أرضية وصولًا إلى محطات المحولات، وهي المرحلة الثانية في منظومة الشبكة.
تحديات الشبكات التقليدية.. وظهور الحاجة إلى الذكاء الصناعي
وأشار خبير الطاقة الكهربائية إلى أن استقرار الشبكة وضمان عدم انقطاع الكهرباء يُعدان من أهم الأولويات، لكن التحديات تزداد مع النمو السكاني وارتفاع الطلب وتغير أنماط الاستهلاك، بالإضافة إلى تقادم المعدات وضعف الصيانة وبطء اكتشاف الأعطال، فضلًا عن نقص البيانات الفنية الدقيقة، كل ذلك أدى إلى صعوبة إدارة الشبكات بالطرق التقليدية.
وواصل: ومن هنا بدأ التحول نحو الشبكات الذكية، حيث أصبحت مكونات الشبكة مزوّدة بحساسات وأجهزة قياس تبث كمًا هائلًا من البيانات لحظيًا، وهنا تبرز قيمة الذكاء الصناعي الذي يستطيع تحليل هذه البيانات واتخاذ قرارات دقيقة في ثوانٍ للحفاظ على استقرار الشبكة.
الذكاء الصناعي في محطات الطاقة المتجددة
ونوه الشناوي إلى أن العالم يتجه بقوة نحو الطاقة الشمسية والرياح لما توفره من طاقة نظيفة خالية من الانبعاثات. ويستخدم الذكاء الصناعي هنا في:
اختيار المواقع الأنسب لمحطات الطاقة الشمسية بناءً على السطوع وكثافة الإشعاع.
التنبؤ بالأيام الملبدة بالغيوم التي تؤثر على الإنتاج.
تحديد أفضل مواقع مزارع الرياح وفق سرعات الرياح ومتطلبات حماية الطيور المهاجرة.
توقع فترات ضعف سرعة الرياح التي قد تؤدي إلى خروج التوربينات من الخدمة.
ويساهم الذكاء الصناعي في تقديم حلول فورية لتعويض أي نقص في قدرات التوليد.
الصيانة الذكية والمراقبة المتقدمة للشبكات
وأضاف الشناوي أن تقنيات المراقبة الحديثة، مثل الطائرات بدون طيار وصور الأقمار الصناعية، أحدثت نقلة كبيرة في متابعة خطوط الكهرباء، حيث تدعم الصيانة التنبؤية وتقلل الأعطال المفاجئة، كما جرى تزويد الشبكة بمحولات ذكية ترسل بياناتها بشكل لحظي لمراكز التحكم، ويمكنها العزل التلقائي للمحولات المتعطلة.
وتشمل منظومة التطوير أيضًا؛ مكثفات لتحسين معامل القدرة، وأجهزة إعادة التوصيل التلقائي عند الأعطال اللحظية، وحدات حلقية ذكية للتحويل بين مصادر التغذية أثناء الطوارئ، ويقوم الذكاء الصناعي باقتراح أفضل طرق المناورة اليومية لتوزيع الأحمال دون التأثير على المشتركين.
التعامل مع الأزمات والهجمات السيبرانية
وشدد الشناوي على أن الاعتماد الكبير على البيانات يجعل الشبكات عرضة للهجمات السيبرانية التي قد تؤدي إلى خروج محطات ومحولات من الخدمة، وهو ما قد يسبب شللًا اقتصاديًا. ولذلك يعتمد الذكاء الصناعي على؛ أنظمة حماية متقدمة - استخدام الأقمار الصناعية لنقل البيانات الحساسة - عزل الشبكات عن الإنترنت العام - وضع خطط طوارئ للتعامل مع سيناريوهات الاختراق.
كما وفرت الشبكات الذكية للمستهلك دورًا جديدًا، بدءًا من العدادات مسبقة الدفع المزودة بشاشات، وصولًا إلى العدادات الذكية المزودة بشرائح اتصال تسمح بنقل بيانات الاستهلاك إلى الهاتف المحمول. وقد ساهمت هذه العدادات في تقليل الفقد وسرقات التيار.
كما تدخل حلول الذكاء الصناعي في؛ ترشيد الاستهلاك - إدارة الطاقة الشمسية المنزلية - تحديد الأيام المناسبة لاعتماد المنزل على الطاقة الشمسية - إدارة أنظمة الطاقة في المراكز التجارية والمستشفيات والمباني الحكومية.
واختتم خبير الطاقة الكهربائية تصريحاته بأن الذكاء الصناعي أصبح جزءًا لا يتجزأ من شبكات الكهرباء الحديثة، فهو يدعم التخطيط والصيانة والتشغيل وحماية الشبكة. لكن مهما بلغت قدراته، سيظل الإنسان بعقله وخبرته هو العامل الحاسم في اتخاذ القرار، وهو ما يؤكد أن التكنولوجيا أداة، بينما القيادة الحقيقية تبقى بيد الإنسان.


