بعد إدراجه بـ اليونسكو.. أصل الكشري من معابد الفراعنة إلى موائد المصريين
أصل الكشري.. تلك الكلمة التي تصدرت التريند بعد إعلان منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو، إدراج الكشري المصري على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية لعام 2025، فيما تأتي سطور الحقيقة التاريخية بتفاصيل وجود رسومات أطباق الكشري على جدران المعابد الفرعونية ما يجعل أصوله تعود لـ حضارة مصر القديمة.
دراسة تكشف جذور الكشري المصري من معابد الفراعنة
في هذا السياق، جاءت الدراسة التي نشرتها دار النشر الألمانية البريطانية “سبرينغر نيتشر” في مجلة Journal of Ethnic Foods، وأعدّها عبد الهادي حلاوة، المهندس الغذائي بجامعة ميلرزفيل بولاية بنسلفانيا الأمريكية، بعنوان: تأثير ثقافة الطعام التقليدية في مصر القديمة على تطور المطبخ وثقافة الطعام في مصر المعاصر.
أظهرت الدراسة الجذور العميقة لواحد من أشهر الأطباق المصرية، وهو الكشري، مؤكدة أن امتداده التاريخي يعود إلى مصر القديمة، حيث نشأ الطبق في صورته الأولى تحت اسم “كوشير” الذي كان يعني طعام طقوس الآلهة.
وقدمت الدراسة تحليلًا موسعًا لمسار تطور طبق الكشري عبر آلاف السنين، وتحوّله من طعام طقوسي إلى طبق شعبي حاضر على جميع موائد المصريين، ووفقًا للبحث، كان الكوشير في مصر القديمة وجبة إفطار رئيسية مكوّنة من العدس البني الكامل، الحمص، حبوب القمح، الثوم، والبصل، تُطهى معًا في أوانٍ فخارية على نار مكشوفة.
وأشارت الدراسة إلى أن الكشري بشكله الحديث ظلّ لسنوات يُعرف بـ طعام الفقراء لكونه مغذيًا وقليل التكلفة، قبل أن يصبح اليوم واحدًا من أبرز الأطباق المتداولة في المدن المصرية ويُقدم في مطاعم متخصصة وبائعي الشوارع.
كما توضح أن تطور الطبق مر بعدة مراحل؛ إذ بدأ كوجبة منزلية تُحضر من بقايا الطعام المتوفرة، ثم استقر تركيبها لاحقًا على مكوناته الحالية: معكرونة قصيرة، عدس كامل، أرز أبيض، صلصة طماطم حارة، حمص مسلوق وبصل مقلي.
وكشف البحث عن نتائج لافتة حول القيمة الغذائية للطبق، إذ وُجد أن طهي مكوناته يحسن من جودة البروتين وسهولة الهضم مقارنةً بالمكونات النيئة، بينما يتميز الأرز المطبوخ في الكشري بهضم أفضل من العدس الكامل المطبوخ.
كما أبرزت الدراسة الاكتشافات الأثرية التي تؤكد وجود العدس ضمن غذاء المصريين منذ عام 2000 قبل الميلاد، مشيرة إلى أنه يُعد غذاءً عالي القيمة لما يحتويه من ألياف وبروتين وكربوهيدرات ومعادن ومركبات نباتية مفيدة، مما يفسر حضوره الدائم عبر العصور.
اليونسكو تدرج الكشري المصري رسميًا بالتراث الثقافي 2025
وفي سياق متصل، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) إدراج الكشري المصري رسميًا على القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية لعام 2025، خلال اجتماعات اللجنة الحكومية للتراث غير المادي في العاصمة الهندية نيودلهي.
وعبّر الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، عن تقديره لهذا الإعلان، مؤكدًا في بيان صادر منذ قليل أن تسجيل الكشري يمثل تأكيدًا جديدًا على مكانة التراث المصري وقدرته على الإلهام والتجدد، مشيرًا إلى أنه أصبح العنصر الحادي عشر المسجل باسم مصر على قوائم التراث غير المادي، وهو ما يعكس تقدير المجتمع الدولي لثقافة المطبخ المصري التي حافظ عليها شعبه عبر السنين.
