مطار قلنديا.. مخطط استيطاني جديد يعزل القدس عن العمق الفلسطيني
يمثل ما يُعرف بـ مخطط مطار القدس إحدى أخطر حلقات التوسع الاستيطاني الإسرائيلي في محيط القدس، ليس فقط من حيث حجمه العمراني، بل بسبب موقعه الجغرافي الحاسم ووظيفته السياسية بعيدة المدى.
مخطط مطار القدس
فالمسألة هنا لا تتعلق بمشروع بناء عادي، بل بمحاولة مدروسة لإعادة تشكيل المجال الحيوي للمدينة، وفرض وقائع ديموغرافية وجيوسياسية يصعب التراجع عنها مستقبلا.
يقع المخطط في المنطقة المحيطة بمطار القدس، المعروف سابقا بمطار قلنديا، شمال المدينة، بين القدس ورام الله.
هذه المنطقة تشكل عقدة وصل مركزية بين شمال القدس ووسطها، وتجاور تجمعات فلسطينية كثيفة مثل قلنديا، كفر عقب، الرام، الجيب والجديرة.
كما أنها تمتد بمحاذاة جدار الفصل وحاجز قلنديا، ما يجعلها نقطة تحكم فعلي في الحركة الفلسطينية شمال القدس.
هذه الخصائص تمنح الموقع أهمية استراتيجية استثنائية، إذ إن السيطرة عليه تعني التحكم في آخر الممرات الجغرافية التي تربط القدس بمحيطها الفلسطيني الطبيعي في الضفة الغربية.
وفق المعطيات المتداولة، يستهدف المخطط إقامة مستوطنة كبرى على أراضي المطار ومحيطه، تضم نحو 9 آلاف وحدة استيطانية، إلى جانب بنى تحتية متكاملة وشبكات طرق حديثة.
هذه الطرق لا تصمم لخدمة المنطقة فقط، بل لربطها بالمستوطنات القائمة شمال وشرق القدس، بما يضمن اندماجها الكامل في النسيج الاستيطاني الإسرائيلي.
الخريطة المرتبطة بالمشروع تكشف بوضوح أن الهدف ليس إنشاء مستوطنة معزولة، بل بناء كتلة استيطانية متصلة جغرافيا، تتغلغل بين الأحياء الفلسطينية، وتؤدي عمليا إلى فصل القدس عن امتدادها الفلسطيني الشمالي، وتحويل القرى المجاورة إلى جزر معزولة ومحاصرة.
يتجاوز هذا المخطط البعد العمراني ليصل إلى صلب الصراع على القدس، فالهدف الأساسي يتمثل في تكريس تهويد المدينة، وتغيير ميزانها الديموغرافي عبر تطويق الأحياء الفلسطينية وخنق نموها الطبيعي.
كما يسعى المشروع إلى قطع التواصل العمراني والبشري بين القدس ورام الله، في خطوة تضرب الأساس الجغرافي لأي كيان فلسطيني متصل.
سياسيًا، يشكل مخطط جوار مطار القدس ضربة مباشرة لأي تصور مستقبلي للقدس الشرقية كعاصمة لدولة فلسطينية.
فالمشروع يعزز سياسة فرض الأمر الواقع، مستخدما أدوات “التخطيط والبناء” كغطاء قانوني لعملية استعمارية ممنهجة، تنفذ بهدوء ولكن بآثار بعيدة المدى.
الخلاصة أن ما يجري في محيط مطار القدس ليس مجرد توسع استيطاني جديد، بل إعادة رسم للخريطة السياسية للمدينة عبر الجغرافيا.
إنه مشروع يهدف إلى حسم الصراع على القدس من خلال الأرض والطرق والإسكان، قبل أي مفاوضات محتملة، في واحدة من أخطر محاولات تثبيت واقع لا رجعة فيه حول المدينة الأكثر حساسية في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.





