الإثنين 22 ديسمبر 2025
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات
محافظات

الخشت عن أبي حامد الغزالي: نقطة مفصلية في تاريخ استقالة العقل.. وفتح الباب أمام هيمنة التفكير الخرافي

الدكتور محمد الخشت
أخبار
الدكتور محمد الخشت
الأحد 21/ديسمبر/2025 - 11:04 ص

وجه الدكتور محمد الخشت، عضو المجلس العلمي الأعلى لجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية ورئيس جامعة القاهرة السابق، نقدًا تفكيكيًا حادًا للإمام أبي حامد الغزالي، معتبرًا أن لحظة الغزالي مثلت – في أحد أبعادها – نقطة مفصلية في تاريخ استقالة العقل داخل الثقافة الإسلامية. 

جاء هذا في محاضرة بالمؤتمر الدولي الثالث المعتقد والعلم والعقل، الذي نظمه  المعهد الفرنسي للدراسات الإسلامية وجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية في جامعة السوربون بباريس، تحت رعاية الدكتور خليفة الظاهري مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، والدكتور كلوديو غلديريزي رئيس المعهد الفرنسي للدراسات الإسلامية، وبحضور الدكتور فيليب باتيست وزير التعليم العالي والبحث والفضاء الفرنسي، وبمشاركة أكاديميين وباحثين دوليين في الفلسفة والعلوم الإنسانية، حيث جاءت محاضرة الدكتور محمد الخشت بعنوان: المعتقد الديني والعلم الوضعي: نحو مربع جديد.

الخشت عن أبي حامد الغزالي: نقطة مفصلية في تاريخ استقالة العقل.. وفتح الباب أمام هيمنة التفكير الخرافي

 

ويرى الخشت أن إنكار الغزالي لمبدأ السببية الطبيعية، كما ورد في أطروحاته الكلامية الشهيرة، لم يكن مجرد نقاش نظري، بل أدى إلى إضعاف الثقة في قوانين الطبيعة، وفتح الباب أمام هيمنة التفكير الخرافي وتبرير الخوارق والكرامات غير المنضبطة، بما أثّر سلبًا في تشكّل العقل العلمي لدى المسلمين.

كما انتقد كتاب إحياء علوم الدين، معتبرًا أنه ساهم في ترسيخ أنماط من التدين تقوم على الرؤية السحرية للعالم، ومنحها طابعًا شبه كهنوتي، على حساب العقل البرهاني والعلوم الطبيعية، وهو ما أسهم  في تهميش المنهج النقدي وإضعاف حضور العقلانية في المجال الديني.

وأكد أن تجديد الخطاب الديني المعاصر لن ينجح ما لم يُصاحَب بتفكيك بنية العقل المغلق، وإعادة الاعتبار للعقلانية البرهانية، وربط الإيمان بالمعنى والأخلاق دون مصادرة دور العقل أو تعطيل قوانين الطبيعة.

واستهل كلمته، بالتأكيد على ضرورة التمييز المنهجي بين المعتقد الديني بوصفه نظامًا معرفيًا يقوم على الوحي والغيب والمقدس، وبين العلم الوضعي باعتباره معرفة تجريبية تقوم على الملاحظة والاختبار، مشيرًا إلى أن الخلط بين المجالين هو السبب الجوهري لكثير من الإشكالات الفكرية التي أفرزت توترات تاريخية غير مبررة.

وأوضح الخشت، أن العلم بحكم طبيعته المنهجية، لا ينتج بالضرورة إيمانًا ولا إلحادًا، وإنما يُحمَّل دلالات مختلفة وفق الأطر الفلسفية والإيديولوجية التي يُقرأ من خلالها.

وفي طرحه المحوري، دعا الدكتور الخشت إلى الانتقال إلى مربع جديد في العلاقة بين الدين والعلم، يقوم على الشراكة بدل الصراع، كما طرح 4 مبادئ أساسية لإعادة بناء هذه العلاقة، مؤكدًا أن إصلاح التعليم يمثل الأداة الأكثر فاعلية لتجاوز الأنماط الذهنية التقليدية، وترسيخ التفكير النقدي القادر جميع أنواع التطرف.

وشدد على أن التعليم ليس مجرد نقل للمعرفة، بل عملية بناء للعقل وتشكيل للوعي.

وأوضح أن غياب التفكير النقدي يفتح المجال أمام أنماط التفكير المغلق والتأويلات المتطرفة، في حين يسهم تعليم يقوم على العقلانية والمنهج العلمي في تحصين المجتمعات من التطرف، وترسيخ مفاهيم الدولة الوطنية الحديثة القائمة على المواطنة وسيادة القانون واحترام التعدد، باعتبارها الإطار الجامع الذي يضمن التعايش والاستقرار والتنمية.

وعرض رئيس جامعة القاهرة السابق تصورًا تاريخيًا شاملًا للعلاقة بين الدين والعلم، موضحًا أنها تذبذبت عبر 4 أنماط رئيسة: الاتفاق، والحوار، والصراع، ثم الفصل، مشيرًا إلى أنه تتبّع هذه العلاقة من الحضارات القديمة التي وحدت بين الدين والمعرفة، مرورًا بالفلسفة اليونانية، وصولًا إلى الحضارة الإسلامية التي قدّمت نموذجًا متقدمًا للتكامل بين العقل والوحي، كما لدى الكندي والفارابي وابن سينا وابن رشد، مقابل لحظات التوتر في أوروبا مثل محاكمة جاليليو، ثم بروز اتجاهات حديثة تؤكد حياد العلم دلاليًا.

كما انتقد توظيف العلوم الطبيعية، خاصة البيولوجيا التطورية، في بناء خطابات أيديولوجية معادية للدين، معتبرًا أن ذلك يتجاوز حدود المنهج العلمي. 

وأكد أن الصراع بين الدين والعلم ليس حتميًا، وأن قوانين الطبيعة لا تناقض قوانين الله، بل تمثل سننًا إلهية يسعى العلم إلى فهم آلياتها.

جدير بالذكر، أنه تم تكريم الدكتور محمد عثمان الخشت في الجلسة الختامية للمؤتمر ومنحه دبلوم (شهادة تقدير) أكدت أن محاضرته علمية رفيعة المستوى، قدمها له باحتفاء شديد البروفيسور بيير كاي مدير المعهد الفرنسي للدراسات الإسلامية، وذلك في القاعة التاريخية لويس ليار (Salle Louis Liard) في جامعة السوربون (Sorbonne).

تابع مواقعنا