دراسة: العوامل الوراثية لا تؤدي دائمًا إلى فقدان البصر أو العمى
كشفت دراسة علمية حديثة، أن العوامل الوراثية المرتبطة بالعمى الوراثي لا تمثل بالضرورة مصيرًا حتميًا لحامليها، على عكس الاعتقاد السائد لسنوات طويلة في الأوساط الطبية.
العوامل الوراثية لا تؤدي دائمًا إلى فقدان البصر أو العمى
بحسب نتائج الدراسة، التي نُشرت في المجلة الأمريكية لعلم الوراثة البشرية، فإن أقل من 30% فقط من الأشخاص الذين يحملون بعض المتغيرات الجينية المرتبطة بأمراض الشبكية الوراثية يصابون فعليًا بفقدان البصر أو العمى، رغم الاعتقاد السابق بأن هذه الطفرات تؤدي إلى الإصابة بنسبة 100%.
وقال الدكتور إريك بيرس، مدير معهد علم الجينوم العيني في مستشفى ماساتشوستس للعيون والأذن، إن هذه النتائج تُعد مفاجئة، مشيرًا إلى أنها تستدعي إعادة النظر في النموذج التقليدي للأمراض الوراثية المعروفة باسم “الأمراض المندلية”، والتي يُعتقد فيها أن الجين المعيب يؤدي حتمًا إلى المرض.
وتركزت الدراسة على التنكس الشبكي الوراثي، وهو مجموعة من الاضطرابات الجينية التي تسبب تدهورًا تدريجيًا في خلايا الشبكية الحساسة للضوء، ما يؤدي في كثير من الحالات إلى فقدان البصر مع مرور الوقت.
وخلال الدراسة، أعد الباحثون قائمة تضم 167 متغيرًا جينيًا في 33 جينًا، سبق ربطها بأمراض الشبكية الوراثية.
وبعد فحص البيانات الجينية لنحو 318 ألف مشارك في برنامج بحثي تابع للمعاهد الوطنية للصحة، تبين أن 481 شخصًا يحملون هذه الطفرات.
إلا أن النتائج أظهرت أن 28% فقط من هؤلاء الأشخاص عانوا من أي مشكلات في الشبكية أو فقدان البصر، بينما حصل 9% فقط على تشخيص رسمي بمرض اعتلال الشبكية الوراثي.
وأكد الباحثون النتائج ذاتها عند تحليل بيانات إضافية لحوالي 100 ألف مشارك ضمن بنك البيانات الحيوية في المملكة المتحدة، حيث تراوحت نسبة المصابين بعلامات مؤكدة أو محتملة لفقدان البصر بين 16% و28% فقط.
وأشار فريق البحث إلى أن هذه النتائج تعني أن العوامل الوراثية وحدها لا تكفي لحدوث المرض، وأن هناك عوامل أخرى قد تلعب دورًا مهمًا، مثل البيئة المحيطة أو وجود طفرات جينية إضافية تؤثر في ظهور المرض.
ومن جانبها، أوضحت الدكتورة إليزابيث روسين، الباحثة في مستشفى ماساتشوستس للعيون والأذن، أن هذه النتائج تمثل خطوة مهمة لفهم أمراض الشبكية الوراثية، وقد تفتح الباب أمام تطوير أساليب جديدة لتحسين رعاية المرضى.
وأضافت أن الدراسات المستقبلية ستركز على تحديد العوامل المعدِّلة للمرض، سواء كانت وراثية أو بيئية، بهدف التوصل إلى علاجات أكثر فاعلية.
واختتم الدكتور كيريل زاسلافسكي، الباحث الرئيسي في الدراسة، بالتأكيد على أن وجود عدد كبير من الأشخاص غير المصابين رغم امتلاكهم نفس النمط الجيني، يوفر فرصة مهمة لتصميم أبحاث قد تسهم في اكتشاف علاجات جديدة لأمراض الشبكية الوراثية واضطرابات العين المشابهة.


