"تحولات القصة القصيرة المصرية.. آفاق الرؤية والتجريب" في الجلسة البحثية الرابعة لمؤتمر أدباء مصر
استمرت بقصر ثقافة العريش الجلسات البحثية لـ المؤتمر العام لأدباء مصر في دورته السابعة والثلاثين، دورة الأديب الكبير الراحل محمد جبريل، والذي يقام هذا العام تحت عنوان الأدب والدراما.. الخصوصية الثقافية والمستقبل، برعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، واللواء الدكتور خالد مجاور محافظ شمال سيناء، وتنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، ويرأسه الشاعر والسيناريست الدكتور مدحت العدل، ويتولى أمانته العامة الشاعر عزت إبراهيم، في إطار برامج وزارة الثقافة، وتستمر فعالياته حتى 29 ديسمبر الجاري.
وعقدت الجلسة تحت عنوان تحولات القصة القصيرة المصرية.. آفاق الرؤية والتجريب، وأدارها الكاتب شريف العصفوري، وتضمنت ورقتين بحثيتين تناولتا تطور القصة القصيرة بين التقليد والتجريب، إلى جانب قراءة درامية في أحد نصوص التراث العربي.
واستهلت الجلسة بمناقشة الورقة البحثية الأولى بعنوان "بين التقليد والتجريب.. دراسة في القصة القصيرة المصرية"، قدمها الناقد الأدبي محمد أحمد عبد الراضي أبو زيد، حيث أوضح أنه قسم بحثه إلى ثلاثة مباحث، تناول الأول التأطير اللغوي، مستعرضا المعنى اللغوي لكلمة قصة في التراث العربي والقرآن الكريم، مستشهدا بقوله تعالى: فارتدا على آثارهما قصصا، إلى جانب المعنى الاصطلاحي، مشيرا إلى غياب تعريف جامع مانع للقصة القصيرة، خاصة كونها تتناول جزئية واحدة من الحياة.
وأوضح الباحث أن الناقد أحمد مكي شبه القصة القصيرة بالصورة الفوتوغرافية التي تعتمد على تحديد الزاوية والإضاءة والمسافة، في حين شبه الرواية بالفيلم السينمائي، مؤكدا أن القصة القصيرة تقوم على عنصر التكثيف، وتعد بحثا عن المجهول، بينما يقصد بالتجريب لغويا الاختبار، واصطلاحا محاولة كسر المألوف في البناء والشكل والمضمون.
وفي المبحث الثاني المعنون بين التقليد والتجريب في الشكل القصصي، أشار إلى أن القصة القصيرة مرت بمراحل متعددة من حيث الشكل، بدءا من العتبات النصية، وعلى رأسها العنوان والغلاف، موضحا أن العناوين التقليدية اتسمت بالوضوح والمباشرة، وسهولة إيصال الفكرة للقارئ دون جهد، مثل: لحظة حب، الوصية، الغارقة.
وأضاف أن بعض العناوين اتخذت صيغة التعريف الإضافي مثل: لحن الوريد، نشيد الطير، جدائل النار، بما يمنح القارئ دلالة مباشرة على مضمون النص، في حين اتسم العنوان التجريبي بالغموض، والاعتماد على الحذف والانزياح الدلالي، مثل: سيرة ذاتية لحبة قمح، ألم في الذاكرة. كما أوضح أن عتبة الغلاف تلعب دورا مهما في تسويق الكتاب، عبر التعبير البصري عن المحتوى وإثارة فضول القارئ.
وتناول المبحث الثالث بين التقليد والتجريب في المضمون، موضحا أن الحدث القصصي يتألف في صورته التقليدية من بداية ووسط ونهاية، وأن بنية الحدث مرت بمراحل تطور، من الحدث الواسع، إلى الحدث المفكك، ثم الحدث المتماسك.
واختتم الباحث ورقته بالتأكيد على أن التجريب قرين الإبداع، ولم يكن في قطيعة مع التراث، أو مرتبطًا بفترة زمنية بعينها، مشيرا إلى أن الحدث القصصي اتجه من الاتساع والتفصيل المفرط، الذي يقترب من الحدث الروائي، إلى التكثيف، كما انتقلت عناوين القصص من الوضوح والمباشرة إلى الغموض والحذف.
وفي الورقة البحثية الثانية بعنوان درامية النص الأدبي.. قراءة في جماليات النثر عند أبي العلاء المعري.. رسالة الصاهل والشاحج نموذجا، قدمها الناقد دكتور محمد السيد أبو عوف، حيث تناول حضور الدراما والفن في المؤلفات التراثية العربية، من خلال تحليل رسالة الصاهل والشاحج.
وأوضح أن عبقرية أبي العلاء المعري تنبع من تكوينه الإنساني والفكري، كفيلسوف ضرير، وزاهد في الحياة، وعفيف النفس، وصاحب مكانة فكرية رفيعة، مؤكدا أنه يستحق الدراسة من زوايا متعددة، رغم ما تتسم به كتاباته من صعوبة لغوية وفكرية، كما في رسالة الغفران والصاهل والشاحج.
وأشار إلى أن رسالة الصاهل والشاحج جاءت في صورة رسالة موجهة إلى عزيز الدولة على خلفية خلافات عائلية، لكنها لم تكن رسالة تقليدية تبدأ بالبسملة وتنتهي بالسجع، بل جاءت أقرب إلى عمل مسرحي، تتخذ فيه الحيوانات أبطالا يعبرون عن عالم الإنسان، بينما يظهر المعري فقط في تمهيد يوضح فيه دوافع كتابة الرسالة.




