الاستثمار الذي لا يخسر أبدًا
عند الحديث عن الاستثمار يتجه التفكير نحو الدهب والدولار والعقارات، لا شك أنها أدوات استثمار جيدة، تتقلب الأسواق، وتختلف أسعار العملات، وتتعثر المشروعات، لكن استثمارًا واحدًا يظل ثابت القيمة ومتزايد العائد “الاستثمار في الإنسان عبر التعليم”، تشير تقارير التنمية الدولية إلى أن كل جنيه يُنفق على التعليم يحقق عائدًا اقتصاديًا يتراوح بين 7% و10% سنويًا، وهو معدل يفوق عوائد كثير من الاستثمارات التقليدية، فالتعليم ليس إنفاقًا، بل أصلًا منتجًا طويل الأجل، فالتعليم رأس ماله لا ينهار.
الأرقام لا تجامل أحدًا
اقتصاديًا زيادة سنة واحدة في متوسط سنوات التعليم ترفع معدل النمو الاقتصادي بنحو 1% على المدى الطويل، وتقلل معدلات البطالة بما يقارب 8–10% ولهذا لم تعد الدول المتقدمة تقيس ثروتها بما تملك من موارد، بل بما تمتلكه من عقول قادرة على الابتكار والتكيّف فالعقل المتعلم لا يستهلك الفرصة، بل يصنعها، وأشهر مثال دولة اليابان من أفقر الدول من امتلاك الموارد الطبيعية.
دول صغيرة راهنت على الإنسان والتعليم
في جنوب شرق آسيا، نموذج لدولة صغيرة المساحة (سنغافورة) لا تمتلك ثروات طبيعية تُذكر، وعدد سكانها لا يتجاوز بضعة ملايين، هذه الدولة رفعت إنفاقها على التعليم والتدريب، وربطته مباشرة بسوق العمل، فنجحت خلال عقود قليلة في التحول إلى مركز عالمي في مجالات النقل والتكنولوجيا والسياحة، ونتيجة لذلك أصبحت من أعلى دول العالم في دخل الفرد، ومن أقلها في مؤشرات الفساد، الرسالة كانت واضحة “حين تغيب الموارد، يحضر الإنسان كبديل استراتيجي”.
التجربة الآسيوية الكبرى: التعليم طريق الخروج من الفقر
في تجربة آسيوية أخرى أكثر اتساعًا، تم رفع الإنفاق على التعليم ليصل إلى ما يزيد على 4% من الناتج المحلي الإجمالي، مع التركيز على التعليم الفني والهندسي والبحث العلمي، خلال أقل من أربعة عقود، ارتفع متوسط سنوات التعليم من نحو 6 سنوات إلى أكثر من 10 سنوات، وخرج ما يزيد عن 800 مليون إنسان من دائرة الفقر، هذا التحول لم يكن مفاجئًا، بل نتيجة استثمار منظم في البشر قبل المصانع.
الشركات الذكية تستثمر في العقول
لم تعد قيمة الشركات تُقاس بالمباني أو الآلات فقط، بل بما تمتلكه من كفاءات بشرية، فالشركات التي تستثمر في تدريب موظفيها ترتفع إنتاجيتها بنسبة تتراوح بين 20% و25%، كما تزيد قدرتها على الابتكار والحفاظ على حصتها السوقية، ولهذا تُعد الكفاءات اليوم جزءًا أصيلًا من رأس المال، لا بندًا يمكن الاستغناء عنه.
البحث العلمي.. مخاطرة محسوبة بعائد مرتفع
قد تفشل بعض المشروعات البحثية، لكن الفشل هنا ليس خسارة خالصة، فكل تجربة غير ناجحة ترفع رصيد الخبرة والمعرفة، وتشير تجارب دول مثل الصين وكوريا الجنوبية إلى أن الاستثمار المستمر في البحث العلمي كان أحد أسرار تحقيق معدلات نمو من بين الأعلى عالميًا، فالمعادلة بسيطة: المخاطرة في البحث أقل كلفة من الجمود في التفكير.
الفرصة الكامنة محليًا: ماذا لو استُثمر في التعليم؟
في دولة ذات كثافة سكانية شبابية مثل مصر، يمثل التعليم فرصة اقتصادية حقيقية، فرفع متوسط سنوات التعليم عامًا واحدًا فقط قد يضيف نقاط نمو ملموسة للناتج المحلي خلال عقد واحد، ويقلل اعتماد الدولة على الاستيراد، ويحوّل الفرد من عبء على الموازنة إلى رافد لها عبر الضرائب والإنتاج.
الإنسان هو المشروع الرابح
الاستثمار في الإنسان لا يحقق أرباحًا سريعة، لكنه يصنع مستقبلًا مستقرًا، فحين يمتلك الفرد العلم والمهارة، ينتقل من خانة الاحتياج إلى خانة العطاء، وكما تثبت التجارب بلا ضجيج “الإنسان هو المشروع الوحيد الذي لا يخسر”، وكل ما يحتاجه فقط فرصة وتعليمًا جيدًا ليطلق طاقته الكامنة.
- الأرقام لا تجامل أحد
- دول صغيرة راهنت على الإنسان والتعليم
- التجربة الآسيوية الكبرى التعليم طريق الخروج من الفقر
- الشركات الذكية تستثمر في العقول
- البحث العلمي مخاطرة محسوبة بعائد مرتفع
- الفرصة الكامنة محلي ا ماذا لو است ثمر في التعليم
- الإنسان هو المشروع الرابح
- دكتور علي عبد الله القاهرة 24
- دكتور علي عبد الله يكتب
- دكتور علي عبد الله مقالات
- مقالات دكتور علي عبدالله
- الاستثمار الذي يخسر ابد ا



