السبت 25 مايو 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

كباش جاهين.. الرفيق الذي ضحى بزملائه (صور)

القاهرة 24
أخبار
الثلاثاء 25/ديسمبر/2018 - 12:46 م

“الحقيقة بالنسبة للسلطات والكهنة كالسكين، كالنار، إنهم لا يتقبلونها لأنها ستذبحهم وتحرقهم، فتشوا عن تلك الأوراق وأقرأوها لا تصدقوا السلطات والكهنة حين يقولون لكم أن أولئك الذين يحملون لنا الحقيقة ليسوا سوى كفرة عصاة” “ماكسيم جوركي”

خراف وليس خريف لأولئك الذين تحلوا بالثقافة يوما لكنهم أبدوا رغبتهم أن يكونوا في صف السلطة، تغيرت تغيرنا، وفي نصف المسافة توفينا، التراب يجمع الكل في النهاية، ولكن السيرة من تبقى، لمثل صلاح جاهين أحد أهم الشعراء في تاريخ مصر، والمؤلف لأهم الأفلام السينمائية التي شكلت ضجة في عالم السياسة والواقعية الاجتماعية، إلا أنه كعادة أولئك كان له خراف بحكم حبه للقيادة وربما الوطن.

“يا حزين يا قـُـمـقـُم تحت بحر الضياع

حزين أنا زيـَّك و إيه مستطاع ؟!

الحزن ما بقالهوش جلال يا جدع !

الحزن زي البرد … زي الصداع

عجبي !!!!”

 

الكبش الأول

في صيف حار بدرجة يونيو من عام 1961، كانت واحدة من أهم معارك صلاح جاهين الذي اعتبرها زملاءه فيما بعد استخدام من السلطة ضد خصومها، فكانت ضد الشيخ محمد الغزالي، أحد علماء الازهر الشريف، والذي كان له موقف واضح من بعض الإجراءات “الثورية” التي يقوم بها مجلس قيادة الثورة بزعامة الرئيس جمال عبد الناصر، في الوقت الذي كان لجاهين رأي موازي للسلطة ومؤيد لها.

وقتها كان جاهين في الأهرام، وعنوان سلسلة كاريكتير بـ”«تأملات كاريكاتورية فى المسألة الغزالية» بست رسومات كانوا مليء الأبصار ومصدر لما اعتبره البعض لنصر الدولة على الأزهر الشريف، فصور الغزالي وهو معصوم الأعين، وبعدها صورة له وهو على ظهر الحمار مقلوبا وبجواره لافتة اتهاما بالإرهاب “الإرهاب باسم الدين”، وجاءت الثالثة والغزالي يتهكم على المرأة، والرابعة اتهاما للغزالي بدعم ثورة الجزائر والتي وصف محركيها “بإرهابي الجزائر”، والخامس عن اتهام الغزالي له بالحديث عن الحجر الأسود، والسادس مقارنة بين متابعة المواطنين لحديث الغزالي ومباراة “الأهلي وبنفيكا” الشهيرة.

 قالوا السياسة مهلكة بشكل عـــــــــــام

و بحورها يا بني خشنة مش ريش نعام

غوص فيها تلقي الغرقانين كلهــــــــــم

شايلين غنايم .. و الخفيف اللي عـــــام

عجبي !!!

الكبش الثاني

فى 25 أغسطس عام 1966، في ظل القبض على أعضاء جماعة الإخوان في هذه الفترة بسبب عدائهم للثورة واتهامهم في محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر، تم القبض للمرة الثانية عليهم بعد إفراجات 1961 بقيادة سيد قطب، وقتها كان لصلاح جاهين نثرا جعل فيه من عبد الناصر زعيما دينيا، في ظل اتهامات سياسة كبيرة من المثقفين المصريين لمجلس قيادة الثورة بأنهم يأتون على الدين أحيانا أو أنهم يعبدون الاشتراكية والشيوعية

فكتب جاهين:” بلادنا رحيمة وبنت حلال، ولكنها ليست عبيطة بأى حال، وقد صممت على السير إلى الأمام، تسابق السنين والأيام، يقودها زعيمها الخلاق، مسلحًا بالعلم والأخلاق، مهتديًا بدينه الحنيف، كما أتى فى المصحف الشريف، وكما أراده نبينا المختار، معلم الأحرار والثوار، نسير نحو الهدف المنشود، لا تمنعنا قوة فى الوجود، نبنى اشتراكيتنا المنتصرة، بخطة طويلة أو مختصرة، على هوانا وحسب مزاجنا، ونأخذ الخيرات من إنتاجنا، والفاشلون يقذفوننا بالطوب، فيصيبهم هم وابل الثقوب!…”.

تمت حركة الإعدام وقتها لمجموعة كبيرة من قيادات جماعة الإخوان وقيادات سياسية آخرى، وهي حركة الإعدام الشهيرة التي طالب الرئيس عبد الناصر قبل تنفيذها سيد قطب بالاعتذار عن أفكاره السياسية والدينية ليقرر العفو عنه مباشرة، إلا أن الرد كان من سيد قطب بالرفض.

“مشوار بديته وقلبي بالأمل مليان

جمل الطريق عضني وطلعت أنا خزيان، أحلى ما في الحلق طعم المر من الذكرى

شوفوا المرار لما يبقى حلو يا جدعان”.

الكبش الثالث

“إحنا جينا نغني للناس، غنينا عليهم يا حليم”، وقعت نكسة 5 يونيه من عام 1967، ليقرر صلاح جاهين بعدها الانعزال عن الجميع في منزله، ويراجع أفكاره، ليأتيه الفنان عبد الحليم حافظ والذي غنى أشهر أعماله عن الثورة بعد 1952، يوقول له:” احنا وظيفتنا نبسط الناس ونغنيلهم يصلاح” محاولا الرفع من عزيمته ليرد عليه صلاح ببكاء النادمين : “إحنا جينا نغني للناس، غنينا عليهم يا حليم”

25 ديسمبر عام 1930، ضج منزل المستشار بهجت حلمي في حي شُبرا بالحضور في انتظار نبأ وصول ولي العهد، لكنهم وعلى غير المعتاد، لم يسمعوا صراخ الطفل، فظنوا أنه ولد ميتًا.. كان هذا المولود هو صلاح جاهين الذي قيل أن تعثر ولادته أثر في شخصيته بعد ذلك، وجعل انفعالاته أكثر من الطبيعي، فحينما يفرح تملئ البهجة قلبة ويكاد يطير، وعندما يحزن يختفي عن الأنظار، ويكتئب، ليُصبح “عود درة وحداني في غيط كمون”.

الكبش الرابع.. رفيق الثورة

أن تعرف وأن لا تعرف ، أن تعي الحقيقة كاملة ، ومع ذلك لا تفتأ تقص الأكاذيب المحكمة البناء ، أن تؤمن برأيين في آن وأنت تعرف أنهما لا يجتمعان ومع ذلك تصدق بهما. “جورج أوريل. مزرعة الحيوان”.. جمعت علاقة طيبة بين جاهين الرئيس الراحل محمد أنور السادات؛ تغيرت أراء جاهين بالكامل من الشيوعية الاشتراكية إلى الساداتية، توافق رأيه مع السادات وتبنى موقف الدولة فى كامب ديفيد وإقرار عملية السلام، الأمر غير المنطقى على الاشتراكي الناصرى، اعتبره وقتها نجيب سرور وأحمد فؤاد نجم، خروجًا عن النص، تغزل فى السادات في فيلم عودة الابن الضال، والكرنك مقتربًا بريشته لقلب الزعيم الراحل محمد أنور السادات.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فجريدة الأخبار التقت، الشاعر بهاء جاهين ليؤكد حقيقة وصدق حديث على بدرخان عن الفيلم وقال: «كتب والدي سيناريو «الكرنك»، لكنه كان مخلصًا لرواية نجيب محفوظ التى اقتبس عنها الفيلم، وتوقف عند خروج الأبطال من السجن بعد نكسة 67.

وهي أن والده أيضًا لعب دورًا مشابهًا في فيلم عودة الابن الضال عندما طلب جو من جاهين وأن يكتب له قصة يروي بها الابن الضال لينتهي المطاف بكتابة يوسف شاهين الرؤية السينمائية عليه، الرويات نفسها قال فيها أبناء فترة عبد الناصر ومحبيه ماقاله جاهين نفسه في كباشه في حقبة عبدالناصر، بينما سوقها أبناء السادات للإشارة إلى ظلم فترة عبدالناصر.

وسئل أحمد فؤاد نجم فى تلك الفترة عن جاهين وكان رده: “كنا مختلفين علي طول الخط هو مع السلطة وأنا ضدها”

“هات يازمان وهات كمان يازمان

غير البسمة الشجعان مامني يبان

هو اللي داق الفرحة يوم ثورته

يقدر يعود ولاثانية للاحزان

وعجبي!!”

الكبش الخامس.. بمبي يصلاح

في عام 1974 بعد عام واحد من حرب 1973، تغيرت وجهة صلاح جاهين بشكل كامل، وكتب ليزهر الفترة الساداتية والتي كان أبناء جيل عبد الناصر على اختلاف معها بالكامل، ليكتب صلاح جاهين أغنية سعاد حسني الشهيرة “الحياة بقى لونها بمبي” من فيلم “اميرة حبي انا” بطولة حسين فهمي.

وقتها وصل الأمر إلى أصدقاءه إلى اشفاق على تغير احواله، وكان أشرسهم شاعر العامية الأشهر “نجيب سرور” والذي ذهب أسفل شرفة منزله يومها، ويناديه، ويصرخ تحت نافذته باكيًا: “بمبي يا جاهين؟”، ويقول الراوون للقصة إن جاهين دخل في نوبة اكتئاب حادة بعد تلك الواقعة، انتهت بوفاته لاحقا.

 

“خرج ابن آدم من العدم قلت : ياه

رجع ابن آدم للعدم قلت : ياه

تراب بيحيا … وحي بيصير تراب

الأصل هو الموت و الا الحياه ؟”

تابع مواقعنا