الجمعة 10 مايو 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

علي جمعة: نرى خلطًا ضارًا بين علم الدين والتدين.. والفرق بينهما غير معترف

الدكتور علي جمعة
دين وفتوى
الدكتور علي جمعة رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب
الأربعاء 13/أكتوبر/2021 - 03:44 م

قال الدكتور علي جمعة، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، ومفتي الجمهورية السابق، إن من أخبث مهالك اللسان مشاهدة في أيامنا، هي القول على الله بغير علم، ويتمثل ذلك في القول بالدين وأحكامه بمجرد الرأي دون إلمام بعلومه، وعليه فنرى غير المُتخصصين يُقحمون أنفسهم للإفتاء في دين الله بغير علم.

وأضاف المفتي السابق، أن من العبارات الشائعة في كتب الفتوى قولهم: خذ بفتواه ولا تلتفت إلى تقواه، وهي قاعدة جليلة تُنبه على الفرق بين علم الدين وبين التدين العملي، وأن علم الدين هو علم كسائر العلوم، له مبادئ وقواعد ومصطلحات ومناهج وكتب وترتيب ومدارس وأسس وتاريخ.

رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، أوضح أنه يحتاج أيضًا إلى أركان العملية التعليمية، التي لا يتم العلم إلا بها، وهي: الطالب، الأستاذ، الكتاب، المنهج، والجو العلمي. 

طريق التعلم له درجات مختلفة

وأشار جمعة إلى أن طريق التعلم له درجات مختلفة كدرجات التعليم العام ثم التعليم الجامعي، ثم الدراسات العليا بدرجاتها المختلفة، وله أيضًا أساليبه المختلفة للتمكن منه، بعضها نظري، وبعضها تطبيقي، وبعضها حياتي وعملي، كما أن أداءه يختلف من رسالة علمية إلى كتاب مُقرر، إلى بحث في مجلة مُحكمة، إلى بحث للمناقشة أو كمحور في مؤتمر للجماعة العلمية، يخبر فيه صاحبه بنتائج.

أكد أن أمر الجماعة العلمية سيظل دائما مُختلفًا، تبعًا للمنح الربانية، العطايا الصمدانية، والمواهب التي يمنحها الله لكل شخص يتميز بها على الآخرين، وسيظل أمر التخصص العام مُراعى والتخصص الدقيق مطلوب، وسيظل هناك فارق بين من ينجح في تحصيل الدروس ولا ينجح في الحياة، ومن ينجح فيها ومن وصل إلى مرتبة الحجة والمرجعية، ولا يحسن التعامل مع الحياة أو يحسن التعامل معها، كما قال شوقي في أواخر قصيدة «كتابي»: وكم مُنْجِبٍ في تلقي الدروس.. تلقَّى الحياةَ فلم يُنْجِبِ.

الدكتور علي جمعة رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب

وستكمل: كل هذه المعاني نراها في كل مجال، ولعل أقرب مجال ينطبق عليه ما ينطبق على علم الدين هو مجال الطب، وعلم الطب، انظر إلى كل ما ذكرناه وكأننا نتكلم عن علم طب الأبدان، في حين أنني كنت أؤكد على علم حفظ الأديان، وكل ذلك يختلف عن حق الناس في رعاية صحتها والوقاية من الأمراض والعلاج منها، ومبادئ الحياة الصحية الصحيحة التي يتمناها كل إنسان، بل هي من حقه، كما يختلف علم الدين عن التدين الذي هو لازم لكل إنسان، ويحتاجه كل أحد من الناس، بل يحتاجه الناس على مستوى الفرد والجماعة والأمة.

فرق بين علم الدين والتدين

واستطرد جمعة: رغم وضوح الفرق بين علم الدين والتدين، أو علم الطب ومراعاة الصحة العامة، إلا أن هذا الفرق غير معترف به في غالب ثقافتنا، ونرى خلطًا ضارًّا له صور منتشرة في جميع القطاعات لم ينج منه إلا من رحم الله - وهم قلة في ثقافتنا السائدة  - وأرجو الله أن يفتح البصائر بهذه الدعوى لمراجعة مواقف كثير من علمائنا ومفكرينا بشأن موقفهم من هذه البديهة.

وتابع رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب: نرى ما يؤكد أنه ليس هناك اعتراف بالفرق بين علم الدين والتدين، من ذلك أن أستاذ العلوم أو الزراعة أو الصحافة أو الهندسة أو الطب صار يتكلم في شأن الفقه، ويناقش الفتوى التي صدرت ممن تخصص وأمضى حياته في المصادر وإدراك الواقع وما هذا، إلا لأنه مثقف ديني، أو لأنه لا يعرف، أو لم يقتنع بالفرق بين علم الدين وبين التدين، ويرى أن الأمر مباح ومتاح للجميع.

نرى عدم إدراك لمعنى الفتوى

نوه مفتي الجمهورية السابق، بأننا نرى عدم إدراك لمعنى الفتوى؛ حيث يتم الخلط بينها وبين السؤال أو الرأي والذي يكون حظ السؤال الجواب، وحظ الرأي إبداؤه ثم مناقشته، فالفتوى مثل حكم القاضي لا يتتبعه القاضي بعد صدوره وليس قابلًا للنقاش، ولكن هو قابل للاستئناف عند محكمة أعلى أو للنقض أو الإبرام عند محكمة أكبر، وعلى ذلك فعدم الرضا بالفتوى يتطلب فتوى من جهة أعلى، ولا يتطلب اعتراضًا من هنا أو من هناك، وعدم الرضا بأمر الطبيب، لا يعني إهمال الأمر، بل يستلزم الاستشارة ممن هم أكثر منه مرجعية أو علمًا أو خبرة ولا يحق لأحد من الناس أن يناقش الطبيب في رأيه ويكتفي بذلك لرفض الطب والجلوس بلا علاج.

على المسلم أن يحفظ لسانه

واختتم جمعة قائلًا: كثيرًا من الناس يفزع إذا ما نبهناه إلى هذا المثال ويبادر برفضه، ويدعي أن ذلك حِجرًا على الرأي أو على حريته، والأمر لا يتعلق برأي ولا بحُرِّية بقدر ما يتعلق بمنهج للفكر المستقيم، ويجب اتباعه بدلًا من هذه المهزلة السخيفة، بأن يَعرِف كل أحد بما لا يعرف، لذا فينبغي على المسلم حتى ينجو بسلام من مهالك الدنيا والآخرة أن يحفظ لسانه، ويمسكه عن الباطل والحرام والقول على الله بغير علم.

تابع مواقعنا