مشروع قانون الإجراءات الجنائية.. الرئيس السيسي يعترض ومجلس النواب يُعيد النظر ووزير العدل يثير أزمة
في الـ29 من أبريل الماضي وافق مجلس النواب نهائيًا على مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، الذي أعدته اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب بعد سنوات من المطالبة، بإعادة النظر في القانون الذي قدمت مختلف القوى السياسية والأحزاب رؤيتها له في الحوار الوطني، وعلى وجه الخصوص اهتم الرأي العام في مصر بالمواد المتعلقة بالحبس الاحتياطي ومطالبات بخفض تلك المواد، وكذلك توسيع البدائل للحبس الاحتياطي مثل اللجوء للأسورة الإلكترونية وغيرها.
اللجنة بدأت في صياغة القانون وأمامها جملة من التوصيات لا سيما التي انتهى إليها الحوار الوطني على رأسها تقليص مدد الحبس الاحتياطي ووضع حد أقصى لها، وألا تتجاوز مدة الحبس الاحتياطي 4 أشهر في الجنح بدلًا من 6، و12 شهرًا في الجنايات بدلًا من 18، و18 شهرًا في القضايا المتعلقة بالسجن المؤبد أو الإعدام بدلًا من سنتين، كما تم تحديد مدة حبس المتهمين في محكمة النقض لمدة لا تتجاوز سنتين، بعدما كانت غير محددة في القانون القائم.
كما شملت تلك التوصيات السماح بالتظلم من قرارات الحبس الاحتياطي بالطرق الإلكترونية والتقدم بطلبات التعويض بالطرق المعتادة لرفع الدعاوى عن كل يوم حبس احتياطي وضرورة أن يصدر الأمر بالمنع من السفر أو الإدراج على قوائم الوصول والتحفظ على الأموال، من سلطة تحقيق قضائية.
في النهاية وافق المجلس على مشروع وقرر إحالته الرئيس، وفي 21 سبتمبر وجّه الرئيس برد مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى مجلس النواب لبحث الاعتراضات على عدد من مواد مشروع القانون.
وفيما يلي تفصيليا أبرز اعتراضات الرئيس:
أولًا: الاعتراضات بشأن بدء العمل بالقانون، اقترحت الرئاسة أن يكون سريانه مع بداية العام القضائي الجديد، وليس بمجرد نشره، نظرًا لما يتطلبه من إنشاء مراكز إعلانات هاتفية تتبع وزارة العدل وتجهيزها على مستوى أكثر من 280 محكمة جزئية.
المادة 48: الاعتراض على غياب تعريف محدد للخطر الذي يجيز دخول المساكن، بما قد يفتح الباب لتفسيرات واسعة تمس بالحماية الدستورية لحرمة المنازل.
المادة 105: لعدم توافقها مع المادة 64 من ذات المشروع بشأن استجواب المتهم في حالات الضرورة، إذ لم تمنح النيابة العامة الحق في بعض الحالات المقررة لمأموري الضبط القضائي.
المادة 112: لأنها أجازت إيداع المتهم في جرائم معينة دون تحديد مدة قصوى ودون اشتراط أمر قضائي مسبب، وهو ما قد يمس ضمانات الحرية الفردية.
المادة 114: لاقتصارها على ثلاث بدائل فقط للحبس الاحتياطي، بينما اقترحت الرئاسة استحداث بدائل إضافية تتيح مرونة أكبر لجهات التحقيق.
المادة 123: لاعتراضها على قصر عرض أوراق المتهم على النائب العام لمرة واحدة فقط خلال الحبس الاحتياطي، بدلًا من العرض الدوري كل ثلاثة أشهر كما أوصت اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان.
المادة 231: لضرورة النص على إمكانية العودة إلى الإعلان التقليدي حال تعطل الوسائل الإلكترونية، مع إلزام الإعلان خلال 24 ساعة.
المادة 411: لأنها تلزم المحكمة بانتداب محامٍ في غياب المتهم أو وكيله عند نظر الاستئناف دون منحه فرصة للحضور، بما قد يتعارض مع مبدأ كفالة حق الدفاع وأصل البراءة.
وبالأمس بدأ مجلس النواب في مناقشة الاعتراضات بعدما ألقى رئيس الوزراء بيان الحكومة مؤكدًا أن ما تفضل به رئيس عبد الفتاح السيسي من ملاحظات على بعض مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية، يجسد حرص القيادة السياسية على ترسيخ دعائم الحقوق والحريات بجميع صورها، ويعكس رغبة صادقة في أن يخرج القانون معبّرًا عن مكانة مصر وريادتها في بناء منظومة عدالة حديثة تُعد نموذجًا يحتذى به.
وأكد، أن هذه ليست المرة الأولى التي يرد فيها رئيس الجمهورية مشروعات قوانين إلى البرلمان لإعادة النظر في بعض موادها، مشيرًا إلى أنه سبق وحدث ذلك مع قانون الضريبة على العدالة في عام 1978، وكذلك مع قانون التجارب الطبية في عام 2020.
بعد الجلسة العامة أحال رئيس مجلس النواب رسالة رئيس الجمهورية بشأن الاعتراض على بعض مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية إلى اللجنة العامة للمجلس.
وزير العدل يثير أزمة
في مناقشات اللجنة العامة، فجر وزير العدل مفاجأة كبرى بعدما أعلن رفضته اعتراض الرئيس على المادة الخاصة ببدائل الحبس الاحتياطي قائلًا: بدائل الحبس الاحتياطي بمشروع قانون الإجراءات الجنائية كافية ولا حاجة لإضافة بدائل أخرى.
بينما أشاد باعتراض رئيس الجمهورية على المادة السادسة، وأكد رغبة الحكومة في أن يكون بدء العمل بالقانون الجديد بداية من العام القضائي القادم (أكتوبر ٢٠٢٦) وذلك للانتهاء من التدريب اللازم لأعضاء النيابة العامة والقضاة على تطبيق المواد والأحكام المستحدثة بمشروع القانون الجديد، فضلًا عن قناعة وزير العدل بأن مراكز الإعلانات الإلكترونية يجب أن تكون جاهزة.
تقرير اللجنة العامة
انتهت اللجنة العامة من التقرير وأوصت بالآتي:
-الموافقة على اعتراض رئيس الجمهورية على عدد من مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية.
-اقتصار المناقشات في الجلسة العامة واللجنة الخاصة على المواد محل الاعتراض فقط دون التطرق لغيرها.
-دراسة الأسباب والمبررات المحددة في كل مادة من المواد محل الاعتراض على أن تتلافى التعديلات التي ستقترحها اللجنة الخاصة ويقرها المجلس هذه الأسباب في كل مادة يتم
الموافقة عليها من المواد محل الاعتراض.
-التوافق مع الحكومة والجهات ذات الصلة على التعديلات المقترحة على المواد محل الاعتراض في ضوء الأسباب والمبررات المبينة في كل مادة من المواد محل الاعتراض حسبما هو مبين بكتاب السيد رئيس الجمهورية.
وزير العدل يتراجع عن الاعتراض
واليوم عاد مجلس النواب للانعقاد مرة أخرى وأعلن وزير العدل تراجعه عن موقفه السابق الرافض لبعض الاعتراضات الرئاسية علي مشروع قانون الإجراءات الجنائية.
وأكد وزير العدل خلال مناقشات الجلسة، أنه بعد دراسة متأنية وتوافق مع اللجنة العامة والجهات المختصة، تبين أن ملاحظات الرئيس تستند إلى أسس دستورية وقانونية تتطلب الاستجابة لها، مشددًا على أن الوزارة ستعمل على صياغة التعديلات المقترحة بما يحقق التوازن بين متطلبات العدالة الجنائية وضمانات الحقوق والحريات.
بينما قوبل الوزير بانتقادات من النواب لا سيما أيمن أبو العلا الذي رأى فيما احد أمر لا يليق لأعضاء مجلس النواب.
وتدخل رئيس المجلس موجهًا كلامه للأعضاء قائلًا "لا أريد أحد أن يوجه لوم إلى الحكومة أو وزير العدل".
نقيب المحامين يرفض السماح لمأمور الضبط استجواب المتهم بغير حضور محاميه
قال عبد الحليم علام، نقيب المحامين في الجلسة أن النقابة تؤكد موقفها برفض نص المادة (64) الذي يجيز لمأمور الضبط استجواب المتهم بغير حضور محاميه، معتبرًا أن هذا النص يتعارض مع نص المادة (54) من الدستور، التي أكدت أن التحقيق لا يبدأ إلا بحضور المحامي دون استثناءات.
وشدد علام على أن الضمانات الدستورية ليست عقبة أمام العدالة بل هي صمام أمانها، مؤكدًا أن أي نص يخالف نصوص الدستور مصيره البطلان.
ضياء الدين داوود عن تعديل الإجراءات الجنائية: لست منتظر أي تعقيب من الخارج
ضياء الدين داوود الذي كان جزء من صياغة القانون استهل كلمته قائلًا" وقد وصلنا إلي صياغات والتي منها بدائل الحبس الاحتياطي وصولنا إلي أسورة" مؤكدا أن أجمل ما تم ذكره في تقرير اللجنة العامة لمجلس النواب بشأن الرد علي اعتراض الرئيس السيسى أن ما تم كان بشكل تشاركي، ونحن متشاركون لأننا نؤمن أن جميع الأسر التي أولادهم محبوسين احتياطيا ويستبشرون بقانون الاجراءات الجنائية، وأنا شخصيا لست منتظر أي تعقيب من الخارج بل ما يشعر به من الداخل هو الضمانات ونحن لدينا بدائل الحبس الاحتياطي، متسائلا هل ننتظر أن تسبقنا بعض الدول ونحن مصر".
في نهاية الجلسة أعلن المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، عن تشكيل لجنة خاصة، لدراسة وصياغة مواد مشروع قانون الإجراءات الجنائية محل اعتراض رئيس الجمهورية.


