مجلة طبية بريطانية تنفي وجود صلة بين تناول الباراسيتامول خلال الحمل والإصابة بالتوحد
نفت مراجعة علمية كبرى نُشرت اليوم في المجلة الطبية البريطانية BMJ وجود أي علاقة سببية بين تناول الباراسيتامول أثناء الحمل واحتمال إصابة الأطفال باضطراب طيف التوحد أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، لتضع حدًا لأعوام من الجدل أثارها مسؤولون في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
مجلة طبية بريطانية تنفي وجود صلة بين تناول الباراسيتامول خلال الحمل والإصابة بالتوحد
وحسب ما نشرته صحيفة ديلي ميل البريطانية، أظهرت الدراسة أن الأدلة المتاحة ضعيفة الجودة وغير كافية لإثبات أي رابط مباشر بين المسكن واسع الاستخدام ومخاطر اضطرابات النمو العصبي لدى الأطفال، وحلل الباحثون تسع مراجعات سابقة شملت أكثر من 40 دراسة رصدية حول تأثير تناول الدواء أثناء الحمل على صحة الأجنة.
وقالت الدكتور شاكيلا ثانجاراتينام، استشارية أمراض النساء والتوليد في جامعة ليفربول والمؤلفة الرئيسية للمراجعة: يجب أن تطمئن النساء الحوامل فالأدلة الحالية لا تدعم وجود صلة بين الباراسيتامول والتوحد أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.
وأضافت: إذا احتاجت الحوامل إلى الدواء لعلاج الحمى أو الألم، فبإمكانهن تناوله خاصة وأن الحمى نفسها قد تشكل خطرًا على الجنين.
وأشار الباحثون إلى أن العوامل الوراثية والبيئية المشتركة مثل التاريخ الطبي العائلي أو ظروف الحمل تُفسر معظم الحالات التي وُجد فيها ارتباط مبدئي، مؤكدين أن الجينات وليس الأدوية هي السبب الأرجح.
وكانت إدارة ترامب أثارت الجدل عام 2020 حين دعا الرئيس الأمريكي آنذاك النساء الحوامل إلى القتال بكل ما أوتين من قوة لتجنب تناول الباراسيتامول، مدعيًا أنه يرفع معدلات التوحد، وأوصت وزارة الصحة حينها باستخدامه فقط “بأقل جرعة ولأقصر مدة ممكنة.
علاج الألم والحمى في أثناء الحمل
والجدير بالذكر، أن هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية NHS اعتمدت حاليًا الباراسيتامول كخيار آمن ومسكن أول للنساء الحوامل، إذ تتناوله نحو نصف الحوامل في بريطانيا، وترتفع النسبة إلى 65% في الولايات المتحدة، ويرى الأطباء أن نتائج المراجعة الجديدة ستعيد الثقة في استخدام الدواء الأكثر شيوعًا حول العالم لعلاج الألم والحمى أثناء الحمل.
وقال الدكتور ديميتريوس سياكوس، أستاذ طب التوليد بجامعة لندن، إن النتائج تؤكد ما كان يقوله الأطباء منذ سنوات: يُعد الباراسيتامول الدواء الأكثر أمانًا أثناء الحمل، واستخدامه لعقود من الزمن لم يُظهر أي علاقة موثوقة مع اضطرابات النمو العصبي.
وأوضح الباحثون أن لم يكن هناك وجود ارتباط لم تتمكن من استبعاد العوامل الوراثية، وأن مراجعة واحدة فقط من بين التسع تناولت هذه الجوانب بشكل منهجي، كما بينت دراسة سويدية على أكثر من مليوني طفل أن التأثير المزعوم يختفي عند مقارنة الأشقاء، ما يؤكد أن السبب لا يرتبط بتناول الدواء نفسه.
وأضاف الباحثون أن هذه الزيادة تعكس تحسن الوصول إلى التشخيص والعلاج، لا الإفراط في استخدام الأدوية أو تأثير المسكنات خلال الحمل.
وأختتم التقرير بالتشديد على أن الباراسيتامول لا يزال الخيار الأكثر أمانًا مقارنة بمسكنات أخرى كالإيبوبروفين، التي قد تسبب مضاعفات خطيرة على الجنين مثل الإغلاق المبكر للقناة الشريانية في القلب، كما ينبغي إعلام الأطباء والنساء الحوامل والهيئات الصحية بأن الأدلة المتوفرة لا تدعم المخاوف السابقة، وأن تناول الباراسيتامول عند الحاجة أثناء الحمل آمن تمامًا.
