تفسير سورة الجمعة.. أبرز المعاني والدروس المستفادة
نقدم تفسير سورة الجمعة، فهي من السور المدنية التي تناولت أحكام صلاة الجمعة، وفضائل النبي صلى الله عليه وسلم، وواقع أهل الكتاب، وتوجيهات إيمانية تتعلق بالخشوع وحضور القلب عند النداء للصلاة، فهي تحقق مقاصد كبرى، أبرزها بيان فضل القرآن، ورسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى العرب والعجم، ثم التحذير من السلوكيات التي تخالف روح الجمعة وغاياتها.
تفسير سورة الجمعة
وحول تفسير سورة الجمعة، فهي تؤكد في افتتاحها عمومية تسبيح المخلوقات لله تعالى، وتقرير صفاته العليا من ملك وقدسية وحكمة، قبل الانتقال إلى الحديث عن بعثة النبي وفضلها، ثم ضرب الأمثال لليهود، وختامًا أحكام الانصراف عن الدنيا عند النداء لصلاة الجمعة.
- تبدأ السورة ببيان أن جميع المخلوقات تسبح لله، وأنه الملك القدوس العزيز الحكيم.
- تؤكد السورة أن إرسال النبي إلى العرب والأمم كافة كان رحمة وفضلًا من الله، لإنقاذ البشرية من الضلال.
- ضرب الله مثلًا لليهود الذين حملوا التوراة ولم يعملوا بها، ليحذر المؤمنين من الوقوع في نفس الخطأ.
- تأمر السورة بالسعي إلى ذكر الله عند النداء للصلاة، وترك البيع، والاستماع للخطبة.
- ثم إباحة الانصراف بعدها والانتشار في الأرض لطلب الرزق مع بقاء ذكر الله حاضرًا في القلب.

تفسير سورة الجمعة وسبب نزولها
وعن تفسير سورة الجمعة وسبب نزولها، فهي نزلت في المدينة المنورة لتبين للمؤمنين مكانة يوم الجمعة، وأهمية الاستجابة لأمر الله وترك الانشغال بأمور الدنيا لحظة النداء للصلاة، كما جاءت آياتها الأولى لتكشف كمال نعمة الله على الأمة بإرسال النبي الأمي صلى الله عليه وسلم، الذي نقلها من ظلمات الجهل إلى نور العلم والهداية.
وفسر العلماء سبب نزول قوله تعالى: "وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا" بأنها نزلت حين انفض بعض الصحابة عن خطبة الجمعة عند قدوم قافلة تجارية، فأراد القرآن تهذيب النفوس وغرس فضيلة تفضيل العبادة على الدنيا.
كما تضمنت السورة إشارات تحذيرية لليهود لكذبهم على الله ودعواهم القرب منه، وفيها تحد إلهي لهم بتمني الموت إن كانوا صادقين.

تفسير سورة الجمعة ابن كثير
وفيما يخص تفسير سورة الجمعة ابن كثير، يروي الإمام ابن كثير في تفسيره أن السورة افتتحت ببيان شمولية التسبيح لكل المخلوقات، ناطقها وجامدها، تأكيدًا لهيمنة الله على الكون كله، ثم بين قوله تعالى: "الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ"، والتي تشير إلى أن الله مالك السماوات والأرض، منزه عن كل نقص، غالب في أمره، حكيم في خلقه وشرعه.
ثم ينتقل ابن كثير إلى تفسير الآية العظمى في السورة: "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ"، والأميون هم العرب الذين لم تكن بينهم حضارة كتابية، ومع ذلك اختار الله منهم رسولًا يعلمهم ويزكيهم ويهديهم للحق بعد أن كانوا في ضلال مبين.
ويورد ابن كثير حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه مسلم، بأن النبي صلى الله عليه وسلم، كان يقرأ في صلاة الجمعة بسورتي الجمعة والمنافقون، تأكيدًا لارتباط معاني السورة المباشر بخطبة يوم الجمعة.
كما فسر الآية: "وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ" بأن المقصود بها الأعاجم، واستشهد بالحديث الصحيح حين وضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على سلمان الفارسي وقال: "لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء"، الأمر الذي يدل على عالمية الرسالة واتساع دائرة الهداية لكل الأمم.
ويفصل ابن كثير في نقد اليهود الذين حملوا التوراة ولم يعملوا بها، وضرب لهم مثل الحمار الذي يحمل أسفارًا لا يفقهها، في إشارة إلى خطورة العلم الذي لا ينعكس على العمل.
وينتقل إلى تفسير الوعيد لليهود حين تحداهم القرآن بتمني الموت إن كانوا صادقين في دعواهم القرب من الله، لكنهم لا يتمنونه أبدًا لما يعرفون من سوء أعمالهم.


