الفنانون يفضلون منصات التواصل الاجتماعي عن منصات القضاء
كان في السابق مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، فما أن ينشأ نزاع بينك وبين أحدهم، كان عليك أن تتوجه إلى أقرب قسم شرطة لتحرير محضر ضد خصمك، لتبدأ بعدها سلسلة من الإجراءات القانونية قد تستمر لسنوات ليتم الفصل بين الطرفين.
أما الآن في عصر التكنولوجيا أصبح للنزاع ساحات أخرى بحسابات أخرى أيضًا، فما عليك سوى كتابة شكواك وضغط علامة النشر، لتصبح مظلوميتك في يد الجميع، وكلما اتسعت شهرة الشاكي، زاد صدى التأثير، وبقطع النظر عن نيل الحقوق، ولكنها أصبحت الوسيلة الأسرع للانتقام أو تصفية الحسابات، ليتحول جمهور السوشيال ميديا إلى حكم ومحامٍ وجلاد في ذات الوقت.
وهو ما اضطر الإعلام التقليدي إلى مجاراة مواقع التواصل والتعامل معها بشكل مباشر، واعتبارها مصدرًا للمعلومات، وذلك من أجل البقاء، متخليًا عن معاييره التقليدية من ناحية المهنية والانضباط، وهو ما يتجلى بقوة على صفحات المشاهير التي تحولت إلى ما يشبه ببلاغ في محضر شرطة ينشر فيها الفنان أسراره الأسرية على العلن لتصفية خصمه واغتياله معنويا واستغلال حالة الجدل الناتجة عن روايته، ليكون مثار اهتمام من الجمهور ونميمة المتابعين، أملا في الوصول إلى مرتبة التريند الأول، وهو ما يطمح إليه الجميع الآن.
فها هو الموزع أحمد إبراهيم يعود إلى مسرح السوشيال ميديا، بعد رسالته المفاجئة، يصاحبها صورة لزوجته الأولى ياسمين عيسى مع أبنائهما، وعلق عليها موجهًا لها الشكر بمناسبة يوم المرأة العالمى قائلا: “في يوم المرأة العالمي تحية للعظيمة الأمينة اللي صانت بيتي، في غيابي عرفت قيمة ولاد الأصول مراتي وأم ولادي”.
أعقبها إلغاء إبراهيم متابعته لأنغام على “انستجرام”، وهو ما قامت به أنغام أيضًا، حيث ألغت متابعتها لأحمد إبراهيم، ويليها بوست لإبراهيم يصرح به بإعادته لزوجته الأولى منذ شهور وانفصاله عن أنغام لأنه يحب أولاده، ثم عاد لينشر صورة تجمعه بأنغام مقبِّلا رأسها معتذرا لها معلقًا: “تبقى الأسود أسود والكلاب كلاب”.
وهو ما يثير التساؤل الأبرز: من يقصد إبراهيم بالأسود ومن الكلاب، وما دخل الآخرين إذا كان هو وحده من طرح المشكلة من الأساس وهو من نشر أخبار زيجاته وانفصالاته على مواقع التواصل الاجتماعي، جاعلًا منها مسرحًا مفضلًا له للعودة إلى التريند عبر الحياة الخاصة .
وذات الأمر فعله وائل عبد العزيز، الممثل الناشيء شقيق الفنانة ياسمين عبد العزيز، عندما تبرأ منها ومن تصرفاتها غير اللائقة -بحد وصفه- بعد علاقتها غير المفهومة بالنسبة له بالفنان أحمد العوضي، ليرد الأخير بإعلان ارتباطه منها وأنه “راجل اوي” ويقدر يصرف على بيته ليس مثل وائل، ليعلن بعدها وائل انضمامه لفريق غريمتها ريهام حجاج، وأنه لن يمانع في العمل معها، لتصبح البيوت وأسرارها في يد كل رواد السوشيال ميديا، وينقسم الجميع إلى دعم طرف على حساب الطرف الآخر.
وتبقى ساحة الواقع الافتراضي هي الساحة المفضلة لزينة ضد أحمد عز بصورها وأخبارها التي عادةً لا تخرج عن إطار التلقيح المباشر وغير المباشر على عز، بحثًا عن الانتقام المستمر بكل صورةٍ ممكنة وغير ممكنة.
وبين زحمة تريندات تصفية الحسابات، فضلت طليقة المذيع خالد عليش أن تكيل له هو الآخر الاتهامات بالتقصير في واجباته تجاه ابنه والخيانة التي كانت السبب في انفصالهما على صفحتها الشخصية أيضًا، رغم طلاقهما ولجوئهما للمحكمة، ولكن تبقى السوشيال ميديا لها بريقها الخاص في الانتقام.
أما مدير أعمال الفنان تامر عاشور، ففضل هو الآخر نشر ما يجول في نفسه من اتهامات ضد المنتجة سارة الطباخ، لتخاذلها عن إنتاج ألبوم تامر عاشور الأخير، مكتفيًا بسبها ونعتها بالعجوز دون التصريح باسمها، تاركًا الأمر للمتابعين الذين فهموا المراد وانهالوا ثناءً على شجاعته في كشفها.
أما نظارة ياسمين صبري الشمسية، والتي عكست صورة رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة، وقامت بنشرها على صفحتها الشخصية، لتفصح عن العلاقة التي تجمعهما، وهو ما تم تأكيده بخبر إعلانهما الارتباط أيضًا من خلال مواقع تواصلهما الاجتماعي.
لتتحول المنصات الإلكترونية إلى صفحات نميمة وساحات لتصفية الحسابات، والوسيلة الأسرع للانتقام أو الإعلان عن العلاقات، ليبقى التريند هو المتحكم ولا عزاء للقانون وحرمة البيوت واحترام الخصوصية ودور الصحافة الحقيقية، ليتسابق الجميع لاستغلال كل المتاح لتحقيق أغراضه من خلال منصات القضاء الإلكتروني المسماة بـ “السوشيال ميديا”.
