بعد عامين من الحرب.. تقرير عبري يحذر: حرب غزة تقوّض نفوذ إسرائيل داخل الحزب الجمهوري الأمريكي
حذر تقرير عبري نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية من أن إسرائيل في الوقت الحالي ومع استمرار الحرب على غزة، تخسر الجيل القادم من اليمين في الولايات المتحدة.
الحرب على غزة
وذكرت الصحيفة أنه بعد أن فقدت منذ زمن طويل أصوات الديمقراطيين، جاءت نحو عامين من الحرب لتبعد عنها أيضا المحافظين الشباب، مضيفة: هؤلاء باتوا يشاهدون صور الأطفال القتلى على وسائل التواصل الاجتماعي، ويتابعون بودكاستات ناقدة لإسرائيل، فيقول أحدهم: كنت أظن أن الأمر معركة بين الخير والشر، لكن الرابط العاطفي انقطع، لماذا نقصف إيران من أجلها ونموّل مذابحها؟
الصحيفة الإسرائيلية أشارت إلى أن المقابلة التي أجرتها الإعلامية المحافظة ميجن كيلي مع النائبة الجمهورية مارجوري تايلور جرين في برنامجها شكلت مؤشرا لافتًا، التي تمثل تيار ماجا الداعم لترامب، تحولت خلال الأشهر الأخيرة إلى واحدة من أشد المنتقدين لإسرائيل، وكانت أول جمهورية في الكونجرس تتهمها صراحة بارتكاب إبادة جماعية في غزة.
أما كيلي، التي عرفت تاريخيا بدعمها المطلق لإسرائيل، فقد بدأت هي الأخرى تبدي شكوكا بشأن الحرب، وحجم المساعدات الأمريكية، ونفوذ اللوبي الإسرائيلي في واشنطن.
جرين شددت على أن إسرائيل تفرض نفوذا غير مسبوق على أعضاء الكونجرس، مشيرة إلى أن جماعات ضغط مثل إيباك ترعى سفرهم وتضغط عليهم، كما تساءلت عن جدوى استمرار المساعدات العسكرية بمليارات الدولارات في وقت تعاني فيه الولايات المتحدة من ديون ضخمة وأزمات معيشية.
وقالت إن إسرائيل توفر خدمات صحية وتعليمية حكومية قوية لمواطنيها، وعليها أن تمول سلاحها من ميزانيتها الخاصة.
وحاولت كيلي، الموازنة لكنها أقرت بأن قناعاتها لم تعد كما كانت بعد هجوم السابع من أكتوبر، مؤكدة أنها ما زالت ترفض حركة حماس، لكنها باتت ترى أن الولايات المتحدة تنخرط أكثر فأكثر في حروب إسرائيل.
إلي جانب ذلك، فإن المزاج العام في أمريكا يعكس هذا التحول، حيث أظهرت استطلاعات حديثة لمعاهد جالوب ويوجوف تراجع التأييد الشعبي لإسرائيل إلى مستويات غير مسبوقة، مع غالبية تؤيد تقليص المساعدات العسكرية لها.
اللافت بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت أن التحول لا يقتصر على اليسار التقدمي بل يمتد إلى صفوف الجمهوريين الشباب، ففي حين أبدى 63% منهم عام 2022 موقفا إيجابيا من إسرائيل، تراجعت النسبة الآن إلى 48% فقط، بينما أعرب 50% عن موقف سلبي.
ولم تكتف جرين بالتصريحات، بل تقدمت بمشروع لخفض 500 مليون دولار من المساعدات المخصصة لأنظمة الدفاع الإسرائيلية، وانضمت إليها النائبة الفلسطينية الأصل رشيدة طليب وأربعة ديمقراطيين، وهذه الخطوة عكست مدى الانقسام الداخلي، خاصة أن جرين نفسها كانت قبل عامين قد قادت حملة لإدانة طليب بسبب انتقاداتها لإسرائيل.
ورغم أن غالبية الجمهوريين في الكونجرس ما زالوا متمسكين بالدعم المطلق لإسرائيل، فإن خطاب جرين يتردد صداه بين القواعد الشعبية، خصوصا الشباب، حيث بدأت أصوات داخل التيار اليميني تقول بوضوح أن أمريكا يجب أن تضع مصالحها أولا قبل الالتزامات تجاه إسرائيل، ويعتبرون أن المليارات التي تقدم سنويا لتل أبيب تأتي على حساب مواجهة أزمات داخلية مثل الجريمة وتفشي المخدرات.
المقال يلفت إلى أن التحالف الوثيق بين إسرائيل والجمهوريين لم يكن دائما بهذا الشكل، وأن التحول الكبير جاء منذ صعود الإنجيليين، وبروز تيار المحافظين الجدد، وأحداث 11 سبتمبر، لكن اليوم، ولأول مرة منذ عقود، يبدو أن هذا التحالف يشهد تصدعات عميقة، لا سيما بعد الصور القادمة من غزة التي أثرت في الرأي العام الأمريكي.
في الختام، يرى محللون أن ما يحدث يمثل إنجازا عكسيا لحكومة نتنياهو، فبعد أن قضى على الإجماع الحزبي التقليدي حول إسرائيل عبر ربطها باليمين الجمهوري، ها هو يخسر الآن حتى الجيل الشاب من هذا المعسكر، وهو ما يصفه أحد الاستراتيجيين الديمقراطيين بأنه إنجاز سلبي يتطلب قدرا كبيرا من المهارة.




