سنابل فوق الرمال.. مشروعات تنموية كبرى غيرت شكل الصحراء في مصر (2-2)
المليون ونصف المليون فدان.. النواة الأولى لمشروعات الاستصلاح خلال العقد الماضي من خلال الريف المصري الجديد
جهاز مستقبل مصر يقود التنمية من خلال مشروعات التوسع الأفقي والدلتا الجديدة لإضافة 4.5 مليون فدان
مستثمر: زراعة الأراضي المستصلحة تُعد استثمارًا طويل الأمد تحقق عوائد مستمرة مع الوقت
خبير دولي: التجربة المصرية أصبحت محل اهتمام إقليمي ودولي للتطبيق في بعض الدول
شركة «الظاهرة» الإماراتية: نقدم نموذجًا متكاملًا للاستثمار الزراعي في مصر لنحقق أمنًا غذائيًا مستدامًا
رئيس هيئة الاستثمار: الاستثمارات العامة المنفذة في الزراعة ارتفعت خلال 10 سنوات من نحو 4.1 مليار جنيه إلى 31.8 مليار جنيه بنمو يصل 8 أضعاف
الدكتور خالد جاد: وزارة الزراعة تقدم الدعم الفني لمشروعات الاستصلاح.. ولدينا محطات بحثية ومزارع نموذجية لنقل الخبرة للمزارعين والمستثمرين
خبير مصرفي: هناك قفزة واضحة في حجم التمويلات خلال عقد كامل
أستاذ تمويل واستثمار: السنوات الأخيرة شهدت إطلاق مبادرات تمويلية واسعة من البنوك لدعم الأنشطة الزراعية
خبير أراضٍ ومياه: التحدي الأكبر لاستدامة مشروعات التوسع الأفقي هو المياه.. ومصر حققت خطوات ملموسة من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي المعالج.
بضع سنوات تكاملت مع رؤية واضحة وخطط حقيقية وإرادة سياسية واعية، حولت مساحات شاسعة من الصحراء المصرية من مجرد أراضٍ قاحلة، تحمل بين رمالها إمكانات هائلة لم تُستغل، لنصل اليوم بعد أن تحولت هذه الأراضي إلى مشروعات زراعية عملاقة، تحمل آلاف السنابل وتنتج محاصيل استراتيجية تدعم الأمن الغذائي، وتفتح أسواق التصدير أمام مصر.
بدءًا من تجربة «المليون ونصف المليون فدان» مرورًا بعودة الروح لـ «مشروع توشكى وشرق العوينات» وصولًا لـ «مستقبل مصر» ومشروع «الدلتا الجديدة»، كلها مشروعات لم تُغيّر خريطة الزراعة فحسب، بل أعادت صياغة الاقتصاد المصري، وساهمت في خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، وربطت الاستثمار الزراعي بالتصنيع والتصدير.
المعالم التي تحققت خلال العقد الأخير تعكس تحولًا نوعيًا في إدارة المشروعات الزراعية، من فلسفة تتعامل مع عشرات الآلاف من الأفدنة سنويًا، إلى نموذج متكامل يواكب المعايير الحديثة ويضمن استدامة الموارد، وخاصة المياه، عبر منظومات ري حديثة وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي وتطبيقات الزراعة الذكية، وأصبح ما حققته مصر نموذجًا بحتذى به إقليميًا ودوليًا، حيث تسعى دول عربية وأفريقية للاستفادة من خبرات مهندسيها في التوسع الأفقي والزراعة الصحراوية، لتصبح مصر اليوم مرجعًا عالميًا في تحويل الصحراء إلى مزارع منتجة ومستدامة.
منها الدلتا الجديدة.. جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة يقود قاطرة التنمية الزراعية بمشروعات عملاقة
يُعد مشروع «مستقبل مصر» للإنتاج الزراعي أحد أبرز المشروعات القومية، إذ تعود فكرته إلى عام 2017 بهدف سد الفجوة الغذائية وتحقيق الأمن الغذائي، وافتتحه الرئيس عبد الفتاح السيسي في مايو 2022، ويندرج المشروع ضمن مشروعات جهاز «مستقبل مصر للتنمية المستدامة»، الذي أُنشئ بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 591 لسنة 2022، ويمتد على مساحة 500 ألف فدان بتكلفة تُقدَّر بنحو 8 مليارات جنيه.
ويقع المشروع على محور الضبعة بما يضمن قربه من موانئ التصدير والمطارات، ويستهدف تعظيم الإنتاج وتقليل الاستيراد وتوفير منتجات زراعية عالية الجودة بأسعار مناسبة. كما يوفر آلاف فرص العمل المباشرة ومئات الآلاف غير المباشرة، ويُعد النواة الرئيسية لمشروع «الدلتا الجديدة» بمساحة 2.2 مليون فدان.
وخلال الاحتفالية الخاصة بافتتاح حصاد القمح في شهر مايو 2025، قال العقيد الدكتور بهاء الغنام، المدير التنفيذي لجهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة، إن الدولة تعتمد على دفع القطاعات الواعدة، وعلى رأسها الزراعة، لتكون نقطة انطلاق لسلسلة من الأنشطة الاقتصادية المتكاملة، موضحا أن الدولة تعمل على التوسع الأفقي من خلال زيادة المساحات لتصل لـ 13.5 مليون فدان بحلول عام 2027، بما يحقق زيادة كبيرة في المساحة المحصولية.

وأضاف الغنام أن المشروعات الزراعية الجديدة تشمل مناطق متنوعة جغرافيًا مثل الدلتا الجديدة، سيناء، السادات، المنيا وبني سويف، ومشروعات سنابل سونو في أسوان، والعوينات والكفرة، مع التركيز على توفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للقضاء على البطالة وتعظيم القيمة المضافة من الإنتاج الزراعي، مؤكدا أن التصنيع الزراعي يلعب دورًا محوريًا في تحويل الفائض من المنتجات الزراعية إلى منتجات نهائية، بما يعزز الصادرات المصرية ويخفض الاعتماد على الواردات.
وبخصوص الأمن الغذائي، لفت الغنام إلى أن مصر تسعى لتحويل نقاط الضعف إلى نقاط قوة، من خلال إنشاء المركز العالمي اللوجستي لتعزيز كفاءة الاستيراد والتخزين والتوزيع، ودعم مبادرة البورصة السلعية لتقليل فاتورة الاستيراد وحماية المستهلك من الاحتكار.
من قلب دلتا النيل لصعيد مصر.. قصة نجاح محمد عبد الرحمن أحد المستثمرين في غرب غرب المنيا
محمد عبد الرحمن، أحد قاطني مركز المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، والذي قرر الاستثمار الزراعي من خلال الاستصلاح والزراعة بمنطقة غرب غرب المنيا، مؤكدًا أن قراره جاء بسبب محدودية الأراضي المتاحة في دلتا مصر وارتفاع أسعارها، كما أن الأراضي الصحراوية تُعد استثمارًا طويل الأمد يحقق الاستثمار فيها عوائد مستمرة مع مرور الوقت.
وعن نشاطه الأساسي قبل الاستثمار الزراعي، أوضح عبد الرحمن أنه يعمل في مجال بعيد كل البعد عن الزراعة، إلا أن طرح الدولة لمشروع المليون ونصف فدان جعله يقرر في عام 2018 الانتقال إلى الاستثمار الزراعي، مشددًا خلال حديثه على أن هناك عددًا من الأسباب دفعته لذلك، منها توافر الأراضي التابعة للدولة وإجراءات الحصول عليها بطريقة رسمية وواضحة، بعيدًا عن التعقيدات السابقة المرتبطة بالتقنين أو وضع اليد من الأهالي، والتي كانت تشكل عائقًا كبيرًا له ولغيره من المستثمرين والمزارعين الجادين في الاستثمار الأخضر.
وكشف عبد الرحمن، في تصريحات خاصة لـ«القاهرة 24»، أنه حصل على أرضه، والتي تتخطى الـ200 فدان، من شركة تنمية الريف المصري الجديد، ويصف عملية الحصول على الأرض والإجراءات المرتبطة بها بأنها سهلة جدًا، مع تعاون كبير من الموظفين في ذلك التوقيت، لافتًا إلى أن شركة تنمية الريف المصري الجديد، والتي تشرف على المشروع، قدمت المساعدة لأي شخص يرغب في الاستثمار، موضحًا أن الأرض حصل عليها بموجب حق انتفاع بغرض التملك.
أما فيما يخص النشاط الزراعي، أشار إلى أنه يزرع بتلك المساحة نباتات طبية وعطرية، وهي التي تجود في تلك المنطقة، مؤكدًا أنه ومنذ البدء في الزراعة قدم فرع شركة تنمية الريف المصري الجديد بالمنطقة كافة أنواع الدعم الفني واللوجستي، من خلال توزيع «كارت الفلاح الذكي» لصرف الأسمدة الكيماوية، وهو ما سهل عليهم الإنتاج والاستفادة من المشروع.
وعن التحديات، أوضح أنه واجه بعض الصعوبات في تمويل خطوط الري الحديثة لكامل الأرض، وهو ما دفعه للاستفادة من المبادرات التي تقدمها الدولة من خلال البنوك الوطنية، لافتًا إلى أنه حصل على قرض ميسر بفائدة 5% فقط من البنك الزراعي، وتمكن هو ومعظم المستثمرين الحاصلين على أراضٍ في المشروع من الحصول على التمويل والاستفادة من ذلك ومد شبكة الري الحديث لأراضيهم.
وأضاف أن شركة تنمية الريف المصري الجديد ساعدته وكثيرًا من مزارعي المنطقة من أجل العمل على تدشين جمعية تعاونية مُشهَرة تساعدهم على تسويق حاصلاتهم الزراعية بأسعار مناسبة.
المليون ونصف المليون فدان.. النواة الأولى لمشروعات الاستصلاح خلال العقد الماضي
تعد شركة تنمية الريف المصري الجديد، شركة مساهمة حكومية تأسست عام 2014 برأس مال 8 مليارات جنيه، وتعد المطور الرئيسي لمشروع المليون ونصف المليون فدان لاستصلاح الأراضي، وتمتد أراضي الشركة لتشمل مناطق بالمُغرة وشرق وغرب سيوة، وامتداد غرب المنيا، والطُور، والفرافرة القديمة والجديدة، وغرب المنيا، وجنوب صافولا، وتوشكي السطحي والجوفي، وغرب منفلوط والقوصية، ودرب البهنساوي، لتكون أحد المشروعات القومية الكبرى التي تهدف إلى توسيع الرقعة الزراعية وتعظيم الإنتاج في مصر.
واستعرض اللواء عمرو عبدالوهاب، رئيس مجلس إدارة شركة تنمية الريف المصري الجديد، ما تم تنفيذه من أعمال الإنشاءات والمرافق والطرق وحفر الآبار ومحطات التحلية، إضافة إلى أعمال الشبكات والتجهيزات بمواقع الشركة على مستوى الجمهورية، وما هو جارٍ استكماله خلال الفترة المقبلة، خاصة مشروعات التغذية الكهربائية لتلبية احتياجات التنمية.
وخلال لقائه بالدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، في أغسطس الماضي، كشف اللواء عمرو عبدالوهاب، أن المساحات المزروعة والمستصلحة بالمواقع التابعة للشركة بلغت 440 ألف فدان، فيما وصلت المساحات المسلَّمة للمنتفعين إلى 875 ألف فدان، مؤكدا أن هناك طلبات لتقنين وشراء نحو 192 ألف فدان، كما بلغ عدد الشركات العاملة بالمشروع أكثر من 4500 شركة.
وأضاف أن الشركة انتهت من الإجراءات اللازمة لتسويق المناطق الصناعية في مواقعها، وتسجيل ملكية أراضي المشروع بالشهر العقاري، وتوسيع الرقعة الزراعية في مناطق الولاية خلال عام 2024 بنحو 130 ألف فدان. كما تم تشغيل منافذ لبيع المنتجات الزراعية والغذائية، وإطلاق مبادرات وبروتوكولات تعاون، وتشغيل الخدمات الإلكترونية لتسهيل التسجيل وتقديم الطلبات عن بُعد، فضلًا عن تسليم مدرسة الريف المصري الجديد للتعليم الأساسي بالمُغرة، وإصدار 3200 كارت فلاح حتى نهاية 2024، والمساهمة في إضافة إيرادات بالعملة الأجنبية من المستثمرين الأجانب.
كشف تتبع مسيرة استصلاح الأراضي في مصر منذ عام 1952 عن تحولات جذرية في وتيرة الإنجاز، فبعد انطلاقة قوية في الخمسينيات والستينيات أعقبها تباطؤ ملحوظ في السبعينيات، استقرت وتيرة العمل عند متوسط يقارب 100 ألف فدان سنويًا حتى عام 2016، لكن العقد الأخير يمثل طفرة حيث قفز متوسط الاستصلاح السنوي إلى أكثر من 300 ألف فدان، أي ثلاثة أضعاف المعدلات السابقة، وهو ما يعكس تحولًا استراتيجيًا للدولة نحو المشاريع القومية الكبرى كأولوية لتحقيق الأمن الغذائي وتوسيع الرقعة الزراعية.
تجربة مصرية تحظى باهتمام إقليمي للتنفيذ.. وبعد بيئي واقتصادي مستدام لمشروعات الاستصلاح
المهندس أنور خفاجي، الخبير الدولي في استصلاح الأراضي وإدارة المشروعات الزراعية الكبرى، يكشف من واقع خبرته في وضع المخططات والدراسات الخاصة بالمشروعات القومية مثل مستقبل مصر والدلتا الجديدة، وكذلك عمله وإشرافه على مشروعات الاستصلاح في بعض الدول، أن التجربة المصرية أصبحت محل اهتمام إقليمي ودولي، إذ طلبت دول عربية، ومنها العراق، وغيرها إفريقية مثل السنغال، الاستفادة من خبرات مصر لتطبيق نماذج مشابهة، مشيرًا إلى مشاركته في مشروعات زراعية كبرى في غرب إفريقيا وموزمبيق وموريتانيا، مع حرص تلك الدول على نقل الخبرات المصرية من مهندسين وعمال، وهو ما يعكس ثقة تلك الدول في التجربة المصرية الرائدة.
ووفقًا لما صرح به لـ القاهرة 24، يرى خفاجي وهو شاهد عيان وأحد الخبراء المشاركين في وضع الخطط والدراسات لمشروعات قومية كبرى مثل مستقبل مصر والدلتا الجديدة، أن ما حققته مصر بين 2014 و2024 في التوسع الأفقي وزيادة الرقعة الزراعية يُعد تجربة استثنائية عالميًا، مؤكدًا أن حجم الإنجاز لم تشهده أي دولة أخرى، مرجعًا ذلك إلى تغير فلسفة إدارة مشروعات الاستصلاح، فبينما كانت عمليات الاستصلاح في الماضي لا تتعدى عشرات الآلاف من الأفدنة سنويًا، تتعامل الدولة حاليًا مع مساحات ضخمة تُنفذ خلال مدد زمنية قياسية، بما يعكس سرعة التخطيط والتنفيذ والالتزام بالمعايير الحديثة للمشروعات التنموية.
ويستحضر خفاجي خبرته الممتدة لأكثر من 35 عامًا في هذا المجال، وكان آخرها مشروع مستقبل مصر والدلتا الجديدة، وبالعودة لمشروع توشكى الذي عايشه منذ بداياته عام 1996، موضحًا أن المشروع ظل سنوات طويلة دون تشغيل فعلي لجزء كبير منه بسبب العقبات السابقة، قبل أن يشهد نقلة نوعية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد حل المعوقات الاستثمارية والبنية التحتية، ليتحول اليوم إلى نموذج ناجح للزراعة الحديثة، واصفا إياه بـ«جنة على أرض الله».
ويؤكد أن الفارق الجوهري بين الماضي والحاضر يتمثل في الحسم الزمني، وإسناد المشروعات إلى كوادر متخصصة ذات خبرة، مع الالتزام بمدد تنفيذ محددة، إضافة إلى تطبيق مفهوم «الهندسة القيمية» في تصميم شبكات الري والبنية التحتية، بما يضمن خفض تكاليف التشغيل واستدامة المشروعات.
وفيما يخص اختيار الأراضي، يشير خفاجي إلى أن معظم الأراضي الجديدة من الدرجة الرابعة والخامسة، إلا أن الدراسات العلمية للتربة والمياه الجوفية، التي أُجريت بعناية ووفق منهج علمي وبالتعاون مع مراكز بحثية مصرية ذات كفاءة، أظهرت نجاحها على أرض الواقع، مؤكّدًا أن النهج الحالي يركز على زراعة المحاصيل بما يتوافق مع طبيعة الأرض والمياه، مع إعطاء الأولوية للقمح والمحاصيل الاستراتيجية، والتوسع في زراعة الأشجار مثل النخيل والزيتون، أو محاصيل بديلة مثل الجوجوبا في المناطق ذات الملوحة المرتفعة، بما يضمن الاستفادة القصوى من الموارد.
ويختتم حديثه بالإشارة إلى أن مشروعات الاستصلاح والتوسع الأفقي لها بعد بيئي، مؤكّدًا أن زيادة المساحات الخضراء تسهم في مواجهة التغيرات المناخية والتصحر، مع تحقيق عائد اقتصادي وبيئي متزامن.

الأمن الغذائي العربي مصير مشترك.. مصر واجهة للاستثمارات العربية في مجال الاستصلاح والتنمية الزراعية المستدامة
تُقدّم تجربة شركة «الظاهرة» الإماراتية في مصر نموذجًا متكاملًا للاستثمار الزراعي القائم على الاستدامة، بما يتماشى مع توجهات الدولة المصرية نحو تنمية زراعية طويلة الأجل تحافظ على الموارد الطبيعية وتحقق أمنًا غذائيًا مستدامًا، وأكد رؤوف توفيق، المدير التنفيذي للشركة، أن الاستدامة تمثل جوهر استراتيجية «الظاهرة»، وليست مجرد هدف مرحلي أو شعار مؤسسي.
وأوضح توفيق أن الشركة تبنّت منذ بدء نشاطها في مصر منظومة إنتاج تعتمد على الاستخدام الرشيد للمياه من خلال نظم ري حديثة عالية الكفاءة، وتحسين إدارة التربة للحفاظ على خصوبتها، وتقليل الفاقد في المدخلات الزراعية، بما يضمن استمرارية الإنتاج وتعظيم العائد من وحدة الأرض دون استنزاف الموارد.
وأشار إلى أن تركيز «الظاهرة» على المحاصيل الاستراتيجية، وعلى رأسها القمح والذرة وبنجر السكر، يأتي في إطار رؤية مستدامة تهدف إلى دعم الأمن الغذائي المحلي وتقليص الاعتماد على الاستيراد، مع الالتزام الكامل بتوريد الإنتاج للمنظومة الرسمية للدولة، بما يعزز استقرار السوق ويخدم المصلحة الوطنية.
وفي بُعدٍ لا يقل أهمية عن الاستدامة البيئية، شدد توفيق على أن الاستدامة البشرية تمثل ركيزة أساسية في تجربة «الظاهرة»، حيث استثمرت الشركة بشكل مكثف في تدريب وتأهيل الكوادر المصرية على أحدث الممارسات الزراعية، ونقل الخبرات الفنية والإدارية، بما يسهم في بناء قدرات محلية قادرة على إدارة المشروعات الزراعية بكفاءة عالية واستقلالية مستقبلية.
وأضاف أن الاستدامة الاقتصادية تُعد عنصرًا حاسمًا في نجاح أي مشروع زراعي، موضحًا أن «الظاهرة» تركز على تحقيق ربحية مستدامة للفدان من خلال رفع كفاءة التشغيل، وتحسين الإنتاجية، وربط القرارات الزراعية بأسس علمية وتجارية دقيقة، وهو ما مكّن الشركة من الاستمرار والتوسع رغم تقلبات الأسواق والتحديات المناخية.
واختتم توفيق بالتأكيد على أن نموذج «الظاهرة» في مصر يبرهن على أن الاستثمار الزراعي الناجح هو ذاك الذي يوازن بين حماية الموارد الطبيعية، وتنمية الإنسان، وتحقيق الجدوى الاقتصادية، وهو ما يجعل الاستدامة حجر الأساس لأي توسع مستقبلي للشركة داخل السوق المصري.
116.6 مليار جنيه للاستثمار في القطاع الزراعي خلال عام 2024
خصصت الحكومة المصرية نحو 116.6 مليار جنيه للاستثمار في القطاع الزراعي خلال العام المالي 2023-2024، مسجلة زيادة بنسبة 71% مقارنة بالعام السابق، وفق ما أوضح حسام هيبة، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، مشيرًا إلى أن هذا الدعم يأتي ضمن خطة رفع الإنتاج الزراعي وتعزيز إمكانات القطاع.
وأضاف هيبة، في تصريحات خاصة لـ«القاهرة 24»، أن الاستثمارات العامة المنفذة في الزراعة ارتفعت من نحو 4.1 مليار جنيه في 2013-2014 إلى 31.8 مليار جنيه في 2022-2023، بنمو يصل إلى 8 أضعاف خلال عشر سنوات، مع زيادة مساحة الأراضي المزروعة من 8.9 مليون فدان في 2014 إلى أكثر من 10 ملايين فدان في 2024، لترتفع المساحات بنحو 12.4%، وهو ما انعكس على نمو الصادرات بنسبة نحو 74.4% خلال العقد.
وبحسب حسام هيبة، بلغ حجم المشروعات التأسيسية والتوسعية في القطاع الزراعي وما يتعلق بالإنتاج الحيواني نحو 200 مليار جنيه خلال السنوات العشر الماضية، ما يعكس اهتمامًا متزايدًا بالقطاع من قبل المستثمرين المحليين والعرب والأجانب، مؤكدًا في الوقت ذاته أن تطوير البنية التحتية من طرق وكهرباء ومعالجة مياه ساهم بشكل واضح في تحسين جاذبية الاستثمار الزراعي.
وأوضح حسام هيبة أن الأنشطة الزراعية الأكثر جذبًا للمستثمرين تشمل مشروعات استصلاح الأراضي وزراعة المحاصيل الاستراتيجية والتصديرية مثل الخضر والفواكه والبطاطس والموالح، إضافة إلى الثروة الحيوانية والدواجن، مشددًا على أن الاستثمار الزراعي في مصر يتميز بتوازن بين الإنتاج الاستراتيجي، والتصنيع الزراعي، ومشروعات التوسع الأفقي.
وحول الاستثمارات العربية، قال هيبة إن دول الخليج أبدت اهتمامًا مهمًا بالقطاع الزراعي في مصر، مشيرًا إلى أن التعديلات على قانون الاستثمار وتقديم الحوافز الحكومية، مثل الإعفاءات الضريبية واستخدام الأراضي بنظام حق الانتفاع وتسهيل التراخيص، ساعدت على زيادة جاذبية القطاع للمستثمرين المحليين والأجانب، خصوصًا في المشروعات ذات القيمة المضافة مثل التصنيع الزراعي والمشروعات التصديرية.
وعن المستقبل، أكد حسام هيبة أن الاستثمار الزراعي في مصر يمتلك آفاقًا واعدة مع استمرار دعم الدولة، خصوصًا إذا تم تعزيز الإطار التشريعي والتحفيزي، وتيسير دخول المستثمرين المصريين والعرب والأجانب، والتركيز على التكنولوجيا الزراعية الحديثة، متوقعًا نموًا مستدامًا للقطاع مع إمكانات توسع كبيرة، شرط استمرار التنسيق بين السياسات الاقتصادية وإدارة الموارد الطبيعية.
تكشف بيانات الاستثمارات العامة المنفذة عن قفزة كبيرة في استثمارات قطاع الزراعة خلال الفترة محل الرصد، إذ ارتفعت من نحو 4.1 مليار جنيه في عام 2014/2013 إلى قرابة 39.2 مليار جنيه في 2025/2024، بزيادة تقارب تسعة أضعاف خلال أحد عشر عامًا.
ويعكس هذا النمو التحول الواضح في أولويات الإنفاق العام لصالح القطاع الزراعي، في إطار التوسع في مشروعات استصلاح الأراضي، وتعزيز الأمن الغذائي، وتحسين كفاءة استخدام الموارد، بما يؤكد أن الزراعة باتت أحد المحاور الرئيسية في خريطة الاستثمار الحكومي خلال العقد الأخير.
وزارة الزراعة تقدم الدعم الفني للمشروعات التنموية في مجال استصلاح وزراعة الصحراء
من جانبه، يقول الدكتور خالد جاد، المتحدث الإعلامي باسم وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، إن هناك تعاونًا وثيقًا وممتدًا بين وزارة الزراعة بمختلف جهاتها، والجهات القائمة على المشروعات القومية الزراعية الكبرى، وفي مقدمتها جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة، ومشروع المليون ونصف المليون فدان، وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، موضحًا أن الوزارة تحرص على التواصل والتنسيق المستمر مع جميع هذه الكيانات، وتقديم الدعم الفني والتقني في مختلف المجالات.
ويضيف جاد، في تصريحات خاصة لـ«القاهرة 24»، أن هذا التعاون يشمل مجالات البحث العلمي، وتطبيق الأساليب الزراعية الحديثة، وتوفير التقاوي ومستلزمات الإنتاج، إلى جانب الاستفادة من الخدمات العلمية والفنية التي يقدمها مركز البحوث الزراعية ومعاهده المتخصصة.
ويوضح أن وزارة الزراعة، من خلال مركز البحوث الزراعية ومعهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة ومركز بحوث الصحراء والهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية وغيرها من الجهات البحثية المعنية، تقدم دعمًا فنيًا متكاملًا للمشروعات القومية، عبر لجان علمية متخصصة تعمل منذ المراحل الأولى للاستصلاح، بدءًا من تحليل التربة ووضع التوصيات الفنية المناسبة لها، وتحليل مياه الآبار، وصولًا إلى تحديد أنسب الأصناف والمحاصيل التي تتلاءم مع طبيعة كل منطقة.
ويشير إلى أن دور الوزارة يمتد ليشمل إعداد الخريطة الصنفية والتركيب المحصولي لكل منطقة من مناطق الاستصلاح، ووضع أفضل التوصيات الفنية المتعلقة بالأصناف الملائمة، وهو ما يتم من خلال التنسيق المستمر بين علماء مركز البحوث الزراعية والقائمين على إدارة المشروعات القومية الكبرى.
ويؤكد المتحدث الرسمي أن القمح، باعتباره المحصول الاستراتيجي الأول، يمثل نموذجًا واضحًا لنجاح هذا التعاون، موضحًا أن جميع الأصناف المزروعة داخل المشروعات الزراعية الكبرى هي أصناف مصرية خالصة، جرى استنباطها داخل مركز البحوث الزراعية التابع لوزارة الزراعة، وقد أثبتت كفاءة عالية وأداءً متميزًا داخل هذه المشروعات.
ويتابع أن الوزارة حرصت منذ بدء تنفيذ المشروعات القومية على إمدادها بأفضل أصناف القمح، مع إتاحة تنوع صنفي كبير، إلى جانب العمل على إكثار هذه الأصناف داخل المشروعات نفسها، وهو ما أسهم في امتلاكها حاليًا لقدرات ذاتية على إنتاج التقاوي النقية المعتمدة، بما يغطي احتياجاتها داخل نطاق كل منطقة.
وفيما يتعلق بربط مشروعات الاستصلاح الزراعي بمنظومة التصدير، يوضح الدكتور خالد جاد أن وزارة الزراعة تقوم بدور محوري في هذا الملف، من خلال إصدار التوصيات الفنية الخاصة بالمحاصيل، وتطبيق ممارسات زراعية تضمن إنتاج سلع ذات جودة عالية ومواصفات تصديرية، مع تقليل الاعتماد على المدخلات الكيميائية في التسميد ومكافحة الآفات، بما يسهم في خفض متبقيات المبيدات وتحقيق اشتراطات الأسواق العالمية، مشيرا إلى أن هذا النهج أسهم في تعزيز تنافسية الصادرات الزراعية المصرية، لافتًا إلى نجاح وزارة الزراعة، بالتعاون مع الجهات المختلفة، في رفع حجم الصادرات الزراعية إلى ما يقرب من 9 ملايين طن.
كما يلفت إلى أن الوزارة تشارك، بالتعاون مع الجهات المعنية، في إنشاء مزارع نموذجية وبحثية داخل مناطق الاستصلاح المختلفة، مثل غرب غرب المنيا، وتوشكى، وشرق العوينات، حيث تُجرى التجارب الحقلية اللازمة لاختبار المحاصيل والأصناف المختلفة، وإعداد التوصيات الفنية المناسبة لكل منطقة.
ويضيف أن نتائج هذه التجارب تُترجم إلى كتالوجات إرشادية متكاملة تُتاح للمستثمرين العاملين داخل هذه المناطق، وتضم جميع البيانات الفنية اللازمة، من خريطة زراعية، وتوصيات التسميد والري، وأنسب المحاصيل والأصناف القابلة للزراعة، بما يوفر على المستثمرين عناء التجربة، ويمنحهم دراسة جدوى فنية جاهزة تساعدهم على تحقيق أعلى إنتاجية ممكنة، سواء للسوق المحلي أو للتصدير.
ويختتم الدكتور خالد جاد تصريحاته بالتأكيد على وجود تواصل دائم بين وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، والقائمين على المشروعات القومية الكبرى، بهدف تذليل أي معوقات فنية قد تواجه تلك المشروعات، وتوفير فرق علمية متخصصة ولجان فنية للتدخل الفوري متى دعت الحاجة، إلى جانب تحديث التوصيات الفنية باستمرار وفق طبيعة كل منطقة واحتياجاتها.
القطاع المصرفي وتمويل الزراعة في مصر.. عقد من التحول ودعم المشروعات القومية
شهدت منظومة التمويل الزراعي في مصر خلال السنوات العشر الأخيرة تحولًا لافتًا يعكس أن الزراعة باتت في قلب الأولويات التنموية والاقتصادية للدولة، فالأرقام المتاحة للتمويلات الزراعية الممنوحة من القطاع المصرفي تُظهر نموًا متواصلًا وارتفاعًا مطردًا يعكس ثقة متزايدة في هذا القطاع الاستراتيجي، وهو ما يؤكده الخبير المصرفي هاني حافظ.
ويكشف هاني حافظ، في تصريحاته لـ«القاهرة 24»، أن هناك قفزة واضحة في حجم التمويلات خلال عقد كامل، مشيرًا إلى أنه عند تحليل البيانات الصادرة من البنك المركزي المصري والممتدة من عام 2014 وحتى يونيو 2025، يتبين أن إجمالي التمويلات الزراعية - بالعملة المحلية والأجنبية - شهد نموًا قويًا وتدرجًا صاعدًا عامًا بعد عام، كما تُظهر السلسلة الزمنية معدل نمو سنوي تجاوز في المتوسط 15%– 23% وفقًا للفترة المحتسبة، وهو ما يعكس اتساع قاعدة المستفيدين وتنوع الأنشطة الزراعية التي حصلت على الدعم التمويلي.
وأضاف أن هذا النمو لم يكن مجرد توسع رقمي، بل جاء نتيجة رؤية واضحة للدولة لتعظيم الإنتاج الزراعي وتحسين إدارة الموارد وزيادة الاعتماد على المشروعات ذات العائد الإنتاجي المرتفع، موضحًا أنه خلال السنوات الماضية شاركت البنوك المصرية في تمويل العديد من المشروعات الزراعية القومية الكبرى، من بينها مشروع المليون ونصف المليون فدان، ومشروع الدلتا الجديدة، ومستقبل مصر، ومشروعات توشكى، وبرامج التوسع في الصوب الزراعية والري الحديث.
ويختتم حديثه بأن تحليل العقد الأخير للتمويل الزراعي في مصر يكشف أنه يعيش مرحلة نمو حقيقي واستقرار متزايد، مدفوعًا بتوجه وطني واضح نحو تعزيز الأمن الغذائي، وتوسيع المساحات المزروعة، ورفع كفاءة استخدام الموارد، مشددًا على أن القطاع المصرفي المصري لعب دورًا محوريًا في هذا التحول، سواء عبر التمويل المباشر أو من خلال مشاركته في دعم المشروعات القومية، وهو ما يجعل الزراعة اليوم أحد القطاعات الواعدة التي تحظى بفرص قوية للنمو والاستثمار في السنوات المقبلة.
مبادرات تمويلية عديدة للقطاع الزراعي
ويتفق في ذلك الدكتور يحيى عبد الرحمن، أستاذ التمويل والاستثمار بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعي، مشيرًا إلى أن التمويل والاستثمار الزراعي في مصر شهدا تحولًا واضحًا خلال السنوات الأخيرة، حيث توسعت البنوك الوطنية في إتاحة برامج تمويل متنوعة للمستثمرين والمزارعين والشركات، سواء عبر القروض المباشرة أو المبادرات منخفضة الفائدة أو الشراكات مع جهات الدولة، ويعكس هذا التوسع ارتفاع الثقة في القطاع الزراعي مقارنة بالسابق، بعد أن أصبح يحتل مكانة أكبر داخل محفظة التمويل.
ويوضح أن هذا التحول يرتبط بتحسن قدرة البنوك على تقييم المخاطر الائتمانية الزراعية اعتمادًا على بيانات أكثر دقة ونظم جدوى اقتصادية متطورة، إلى جانب تدخلات حكومية داعمة مثل التشريعات المنظمة، وتسهيل التعاقدات، وضمانات التمويل، ودعم أسعار الفائدة، مضيفًا أن مشروعات الاستصلاح، وتحديث نظم الري، وتحسين الإنتاجية، ساهمت جميعها في تعزيز رؤية البنوك للجدوى الاقتصادية للمشروعات الزراعية وارتفاع القدرة على السداد.
ويؤكد أستاذ التمويل والاستثمار بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعي أن السنوات الأخيرة شهدت إطلاق مبادرات تمويلية واسعة من البنوك الوطنية لدعم الأنشطة الزراعية، تشمل تمويل صغار المزارعين، ونظم الري الحديث، والإنتاج الحيواني والداجني، وسلاسل القيمة والتصنيع الزراعي، إضافة إلى تمويل الأراضي المستصلحة والمشروعات المتكاملة، والتي ساعدت في توسيع قاعدة المستفيدين، وتوزيع المخاطر بين البنوك والمستثمرين، وتعزيز دور التمويل الزراعي في التنمية الريفية والاقتصادية.
لاستدامة مشروعات الاستصلاح.. مشروعات قومية ضخمة للمعالجة وتوفير مياه الري
يقول الدكتور علي إسماعيل، رئيس معهد بحوث الأراضي والمياه الأسبق، إن العقد الأخير شهد طفرة كبيرة في مشروعات الاستصلاح، حيث أضيف نحو 2 مليون فدان جديدة ليصل إجمالي الأراضي الزراعية إلى 10.3 مليون فدان، وتبلغ المساحة المحصولية منها نحو 18 مليون فدان نتيجة الزراعة بموسمين، لافتًا إلى أن إعادة توجيه القيادة السياسية بحل كل المعوقات وتأهيل البنية التحتية لمشروعات كبرى مثل توشكى وشرق العوينات أحدثت تحولًا واضحًا؛ فمشروع توشكى الذي لم تتجاوز زراعته 80 ألف فدان من 1997 حتى 2014 تجاوز اليوم 650 ألف فدان، وكذلك الحال لمشروع شرق العوينات؛ إذ كانت المساحة المخططة 220 ألف فدان، وزُرع منها 80 ألفًا فقط قبل 2014، بينما وصلت الزراعة اليوم إلى نحو 250 ألف فدان.
وفي الوقت ذاته، يكشف رئيس معهد بحوث الأراضي والمياه الأسبق أن هناك الكثير من التحديات التي تواجه الأراضي الصحراوية المستصلحة حديثًا، تشمل اختلاف الظروف المناخية، وطبيعة التربة، ووجود الأراضي الملحية أو الطفلة، إلى جانب ملوحة المياه في بعض المناطق، مؤكدًا أن مصر لديها خبرات كبيرة في هذا المجال من خلال المراكز البحثية المختلفة مكنتها من تقديم حلول علمية لتلك المشكلات والتحديات.
ويوضح أن التحدي الأكبر لاستدامة مشروعات التوسع الأفقي في مصر هو «المياه»، خاصة وأن الاعتماد الأساسي في الأنشطة المختلفة، ومنها الزراعة بالطبع، على مياه نهر النيل بنسبة 90%، وهو ما دفع الدولة خلال السنوات العشر الأخيرة إلى تبني منظومة استراتيجية لإعادة استخدام الموارد المتاحة وتعظيم الاستفادة منها.
وتتضمن هذه الاستراتيجية، وفقًا لما صرح به إسماعيل لـ«القاهرة 24»، معالجة مياه الصرف الزراعي من خلال محطات المحسمة بطاقة مليون متر مكعب يوميًا، ومحطة بحر البقر بطاقة 5.6 مليون متر مكعب يوميًا، إضافة إلى محطة العلمين بمشروع الدلتا الجديدة، والتي تنتج 7.5 مليون متر مكعب من المياه يوميًا، مضيفًا أنه تم كذلك التركيز على تحديث منظومة الري، بما يشمل استخدام نظم ري حديثة غطت حوالي مليون فدان، بالإضافة إلى تحسين الري في أراضي الوادي والدلتا، وهو ما ساهم في ترشيد استهلاك المياه بنسبة تتراوح بين 20 و30%.
ويضيف قائلًا: أيضًا عملت مصر على الاستفادة من مياه الأمطار من خلال إنشاء سدود صغيرة وتخزينها لاستخدامها في الزراعة أو مياه الشرب في بعض المناطق الصحراوية، كما يتم ترشيد استخدام المياه الجوفية وفق المقنن المائي المسموح لكل بئر، لضمان استدامة الخزانات الجوفية غير المتجددة، من خلال تركيب عدادات على الآبار لمراقبة وتقنين الاستخدام.
ويتوقع أن التوسع المستقبلي في الاستصلاح لن يسير بالوتيرة نفسها، إذ يرتبط بموارد المياه المتاحة ومعدلات الزيادة السكانية، مؤكدًا أن تحقيق الاستدامة يتطلب ترشيد استهلاك المياه، وتطبيق نظم الزراعة الذكية، ورفع الإنتاجية من خلال التوسع الرأسي، إلى جانب دعم المراكز البحثية بكوادر شابة قادرة على توظيف التكنولوجيا الحديثة في إدارة الموارد الزراعية مثل الزراعة المائية، واستزراع الأسماك، وتكنولوجيا النانو.










