أبناء النصر.. ذاكرة أبطال حرب أكتوبر لا تموت وتتصدر صفحات التواصل الاجتماعي | تقرير
في الذكرى الـ 52 لنصر أكتوبر المجيد، تفيض صفحات التواصل الاجتماعي بشهادات حية وذكريات خالدة لأبطال حملوا على عاتقهم أعمدة الانتصار أمام العدو الإسرائيلي بكل فخر، وتبلورت بعض القصص الإنسانية المُلهمة من أبناء وأحفاد هؤلاء الأبطال، مُتصدرة بـ بطولات الرجال الذين عبروا القناة وواجهوا النار ليصنعوا للأجيال معنى الانتماء الحقيقي.
اللواء مهندس عبدالفتاح القرش.. بطل حائط الصواريخ
روى أحد الأبناء الحكاية من التل الكبير، حيث خدم اللواء مهندس عبد الفتاح القرش، كبير مهندسي الفرقة الثامنة دفاع جوي منذ عام 1968 وحتى 1974، كان أحد العقول المُبدعة التي ساهمت في إنشاء حائط الصواريخ المصري، المشروع الذي غيّر مجرى الحرب وأسقط طائرات الفانتوم والميراج الإسرائيلية، ليحمي سماء الوطن من غارات العدو.
تخرج من كلية الهندسة جامعة الإسكندرية عام 1954، والتحق بالكلية الحربية في العام التالي، ليشارك في حروب 1956 و1967 وحرب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة، وبعد النصر تولّى قيادة ورشة التسليح الرئيسية لقوات الدفاع الجوي، تاركًا إرثًا من الإخلاص والانضباط والابتكار.
المقاتل سعد زين حرفوش.. عيون رصدت العدو
من قرية أطفيح، خرج الشاب سعد زين خليل حرفوش حاملًا شغف الدفاع عن الوطن، والتحق بسلاح الدفاع الجوي بعد حرب الاستنزاف، وتميز بذكائه الفطري وإتقانه لاستخدام الرادار، حتى تم اختياره في بعثة تدريبية إلى روسيا قبيل الحرب لتعلّم أحدث تقنيات الرصد الجوي.
خلال حرب أكتوبر، كان ضمن كتيبة رقم 7835/56 ج، مكلفًا بتأمين قناة السويس ومراقبة طائرات العدو، وبفضل خبرته ودقته، ساهم في تحديد مواقع الطائرات الإسرائيلية وإسقاطها قبل أن تقترب من أهدافها، وكان القادة يحيّونه على مهارته الفائقة.
ثم عاد سعد زين بالنصر إلى بلدته التي استقبلته بالزغاريد والدفوف، فيما حمل معه ذكرى شقيقه الشهيد سعيد زين حرفوش، الذي شارك في تركيب الجسور بسلاح المهندسين.
فوزي عبد الرحمن الكفافي.. جندي الواجب الدائم
منذ التحاقه بالخدمة عام 1965 وحتى 1975، لم يتأخر فوزي كفافي عن نداء الوطن، واستُدعي أكثر من مرة خلال حرب الاستنزاف، ثم قبيل حرب أكتوبر بأيام ليكون في موقعه بمنطقة الهايكستب حتى نهاية المعركة.
النقيب الطبيب مجدي محمد حسن أبو المعاطي.. طبيب أنقذ وحارب
النقيب الطبيب مجدي أبو المعاطي كان نموذجًا للمقاتل الطبيب الذي جمع بين الرحمة والشجاعة، تخرج في كلية الطب عام 1969، والتحق بالقوات المسلحة ليخدم في الكتيبة 256 مشاة ميكانيكي ضمن الفرقة الرابعة المدرعة بالجيش الثالث الميداني.
وخلال الحرب، أنقذ حياة العشرات من المصابين، بينهم قائد كتيبته الذي أُصيب وأُسر مؤقتًا، وفي أيام الثغرة، شارك في صد هجوم قوات العدو، وأسهم مع زملائه في تدمير دبابات العدو وقتل المئات من جنوده، وبعد الحرب كرمته القيادة العسكرية ونقابة الأطباء، وظل يخدم وطنه طبيبًا في الدقهلية حتى رحيله عام 2020.
الشهيد الطبيب محمد رشيد حسن غانم.. رفض مغادرة موقعه رغم التحذيرات
لم يكن في خندق قتال، لكنه كان في موقع الواجب حين سقطت عليه نيران العدو.. الشهيد محمد رشيد حسن غانم استُشهد في الغارة الجوية الإسرائيلية على المصنع الحربي ببنها في 11 أكتوبر 1973، أثناء تأدية مهامه في الإشراف على الأمن الغذائي والصحي.
رفض مغادرة موقعه رغم التحذيرات، ليبقى إلى جوار زملائه حتى استُشهد معهم، ونجا من الغارة 4 فقط من العاملين، وبقي اسمه شاهدًا على أن البطولة لا تقتصر على ساحات القتال.
ميلاد جاد فرج ميخائيل.. مقاتل الصاعقة الذي واجه الموت بشجاعة
من أبطال الصاعقة الذين حملوا أرواحهم على أياديهم، روي أحد أبناء ميلاد جاد فرج ميخائيل الذي خدم بين عامي 1969 و1975، وشارك في القتال ضمن قوة اللواء أحمد رجائي عطية مؤسس الوحدة 777 الشهيرة، وتمت ترقيته من جندي إلى عريف تقديرًا لشجاعته في المعارك.
وقال نجله: كان يحكي لنا كيف كانوا يسيرون أيامًا في الصحراء دون نوم، وكيف كانت لحظة رفع العلم على الضفة الشرقية أعظم لحظة في حياته.
إسحاق نجيب إسحاق.. من أسرى العدو إلى رموز الوحدة الوطنية
من كوم مطاي بالمنيا، خرج البطل إسحاق نجيب إسحاق، أحد أبطال العبور الأوائل الذين شاركوا في اقتحام خط بارليف.. وقع في الأسر لدى العدو الإسرائيلي قبل أن يعود إلى أرض الوطن بعد انقطاع أخباره لأشهر.
وكتب نجل أخيه مينا إبراهيم: تحية عسكرية من عسكري إلى عسكري.. كنت وما زلت قدوتنا وفخرنا.
هؤلاء الأبطال لم يبحثوا عن مجد شخصي، بل عن رفرفة علم مصر فوق أرضهم بحرية وكرامة.. واليوم في الذكرى الـ 52 لحرب أكتوبر 1973، يُعيد أبناؤهم نشر سيرتهم لتبقى الذاكرة حية، ولتعرف الأجيال الجديدة أن نصر أكتوبر لم يكن ضربة حظ، بل ثمرة دماء وتضحيات وصبر رجال آمنوا بأن النصر قادم لا محالة.
