المساعي الأمريكية لعقد قمة مصرية - إسرائيلية بين حسابات القاهرة والتزام نتنياهو
تعمل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على الدفع باتجاه عقد قمة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في أول لقاء يجمعهما منذ ما قبل حرب غزة، وذلك وفق ما أورده موقع أكسيوس الأمريكي.
غير أن نجاح هذه المساعي يبقى رهنا بقدرة واشنطن على إقناع تل أبيب بإبداء التزام حقيقي بتغيير منهجها في التعامل مع غزة، خصوصا ما يتصل بوقف محاولات فرض وقائع جديدة ودفع السكان الفلسطينيين باتجاه سيناء.
فالقاهرة لا تبحث عن مكاسب شكلية أو رسائل إعلامية، بل عن مؤشرات سياسية ملموسة تعكس استعداد إسرائيل لاحترام ما تم التوافق عليه في مسار شرم الشيخ.
فعلى الرغم من الانفتاح المصري المبدئي على فكرة القمة، إلا أن الثقة السياسية بين القاهرة وتل أبيب تعرضت لاختبار قاس خلال الأسابيع الماضية، بعد تراجع إسرائيل عن تنفيذ التزاماتها في اتفاق شرم الشيخ، برغم الرعاية المصرية والأمريكية والقطرية والتركية للمسار.
هذا التراجع جعل القاهرة تتعامل مع أي لقاء محتمل باعتباره اختبارًا حقيقيًا لمدى قدرة نتنياهو على الانتقال من مرحلة التصعيد إلى مسار أكثر مسؤولية يراعي استقرار الإقليم ويحمي الحقوق الفلسطينية.
من هذا المنظور، لا ترى مصر في القمة حدثا بروتوكوليا، بل محطة لقياس الجدية الإسرائيلية في وقف السياسات الميدانية التي تقوض الثقة وتعيد إنتاج التوتر.
وبالتالي، يتوقف انعقاد القمة على دلائل واقعية تعيد التأكيد على ما تم الاتفاق عليه، وليس على وعود سياسية عامة.
ووفق "أكسيوس"، تنظر واشنطن إلى القمة بوصفها جزءا من مقاربة أوسع تهدف إلى إعادة هندسة العلاقات العربية - الإسرائيلية من خلال أدوات اقتصادية واستثمارية، أملًا في بناء شبكات مصالح مشتركة تخفف من احتمالات الصدام وتدفع نحو «سلام أكثر دفئًا»، وتعد هذه الرؤية امتدادا لتوجه أمريكي يعتمد على الاقتصاد كبوابة لإعادة إدماج إسرائيل في المحيط العربي، بمناطق تمتد من لبنان إلى سوريا والسعودية، خاصة في مجالات التكنولوجيا والبنية التحتية.
وينقل التقرير عن جاريد كوشنر، أنه شدد على نتنياهو ضرورة الانتقال من خطاب التهديدات الأمنية لإيران إلى خطاب أكثر جذبًا للبيئة العربية، يقوم على الاستثمار والتعاون الاقتصادي.
هذا التحول يعكس إدراكًا أمريكيًا بأن إسرائيل فقدت جزءًا من قدرتها على تقديم نفسها كشريك إقليمي بعد حرب غزة، وأن إعادة تفعيل علاقاتها العربية تتطلب أدوات غير عسكرية وأكثر ارتباطًا بمصالح واقعية.
العلاقات بين القاهرة وتل أبيب
وشهدت العلاقات بين القاهرة وتل أبيب خلال العامين الماضيين فتورًا واضحًا، وانقطاعا شبه كامل في الاتصالات الاستراتيجية، وفق ما أكده تقرير "أكسيوس".
هذا الإرث المعقد يجعل من القمة المحتملة فرصة لتصحيح المسار، لكنه في الوقت ذاته يفرض على واشنطن عبئًا إضافيًا لإقناع مصر بأن اللقاء لن يتحول إلى مجرد خطوة سياسية تخدم نتنياهو داخليًا دون مقابل حقيقي تجاه فلسطين والقدس وقضايا الحل النهائي.
ويكشف التقرير أن نتنياهو شكل فريقًا لإعداد حزمة اقتصادية يمكن عرضها على القاهرة في حال انعقاد اللقاء.
وهو ما يعكس رغبة لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي في تسجيل اختراق خارجي مدعوم أمريكيًا يساعده على مواجهة الضغوط الداخلية المتصاعدة، خصوصًا بعد تعثر مسارات التطبيع وتداعيات الحرب على غزة.
وهنا ترى واشنطن - بحسب "أكسيوس"- أن نجاح إعادة «تدفئة» العلاقة بين القاهرة وتل أبيب قد يفتح الباب أمام تطبيق النموذج نفسه على دول أخرى مثل لبنان وسوريا والسعودية.
وهذا يجعل القمة ـ إن عقدت ـ جزءًا من مشروع إقليمي أمريكي يهدف إلى إعادة بناء شبكات تعاون تعطلت بسبب الحروب المستمرة خلال السنوات الأخيرة.






